المضارع مشتمل على مصدر وزمن، فـ {وَلَا تُشْرِكُوا}[النساء: ٣٦] يعني: لا إشراك به، فـ (تُشْرِكُوا) متضمنة لمصدر، والمصدر نكرة، فيكون قوله:{وَلَا تُشْرِكُوا}[النساء: ٣٦] دل على النهي على أي نوع من الشرك. كما أن قوله- في الآية نفسها -: {شَيْئًا}[النساء: ٣٦] نكرة تدل على عموم الأشياء، فصار - عندنا - في قوله تعالى {وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}[النساء: ٣٦] عمومان: الأول: ما دلت عليه الآية من النهي عن جميع أنواع الشرك؛ وذلك لأن النهي تسلط على الفعل، والفعل دال على المصدر، والمصدر نكرة. والثاني: أن مفعول تشرك {شَيْئًا}[النساء: ٣٦] وهو نكرة، والنكرة جاءت في سياق النهي؛ وذلك يدل على عموم الأشياء، يعني: لا الشرك الأصغر مأذون به، ولا الأكبر، ولا الخفي؛ بدلالة قوله:{وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ}[النساء: ٣٦] وكذلك: ليس مأذونا أن يُشرَك به لا ملك، ولا نبي، ولا صالح، ولا عالم، ولا طالح، ولا قريب، ولا بعيد، بدلالة قوله:{شَيْئًا}[النساء: ٣٦] وهذا استدلال ظاهر الوضوح في الدلالة على التوحيد: بالجمع بين النفي والإثبات.
قال: وقوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. . .}[الأنعام: ١٥١][الأنعام: ١٥١ - ١٥٣]{قُلْ تَعَالَوْا}[الأنعام: ١٥١] يعني: يا من حرم بعض الأنعام، وافترى على الله في ذلك {تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}[الأنعام: ١٥١]