ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك " أي: مثل ما في قوله جل وعلا: {لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ}[الأنعام: ٥١][الأنعام: ٥١] فهذه شفاعة منفية، وهي الشفاعة التي فيها شرك، وكذلك: فإن المشركين لا يشفعون؛ فالشفاعة في حقهم منفية؛ لأنهم لم يرض عنهم. فالشفاعة التي فيها شرك من جهة الطلب، أو من جهة من سئلت له، بأن كان مشركا، فإنها منفية عن هؤلاء، بل لا تنفعهم. فثبت بذلك أن المستحقين للشفاعة هم الذين أنعم الله عليهم بالإخلاص، ووفقهم لتعظيمه، وتعلقت قلوبهم به وحده دون ما سواه؛ بخلاف الذين حرموها من المشركين بالله الشرك الأكبر، فلا نصيب لهم منها؛ لأن الشفاعة فضل من الله لأهل الإخلاص.
وأما الشفاعة المثبتة فهي التي أثبتت بشرط الإذن، والرضا. قال شيخ الإسلام بعد ذلك:" ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع ". وهذه هي الشفاعة المثبتة " أثبتها بإذنه في مواضع ": أي بشرط الإذن، والإذن: إما إذن كوني، وإما إذن شرعي؛ فالمأذون له بالشفاعة لا يمكن أن تحصل منه الشفاعة، إلا أن يأذن الله له كونا بأن يشفع، فإذا منعه الله كونا أن يشفع لم تحصل منه الشفاعة ولا تحركت بها لسانه.
ومعنى الإذن في باب الشفاعة: بأن تكون خالصة وخالية من الشرك، وأن يكون المشفوع له ليس من أهل الشرك. ويخص من ذلك أبو طالب، حيث يشفع له النبي عليه الصلاة والسلام في تخفيف العذاب عنه، فهي شفاعة