للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

عمر - رضي الله عنه - أنه رأى أنسا يصلي عند قبر، فقال له: " القبر، القبر " (١) يعني: احذر القبر، وهذا يدل على أن الصلاة عند القبور لا تجوز؛ لأنها وسيلة من وسائل الشرك، وأعظم من ذلك أن يكون ثم بنيان، واتخاذ لما حول القبر من الأبنية مسجدا للصلاة، والدعاء، والقراءة، ونحو ذلك.

وهو معنى قولها: " خشي أن يتخذ مسجدا "، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا، وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدا، بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدا، كما قال صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» : وهذا ظاهر.

ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود -رضي الله عنه - مرفوعا «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد» ورواه أبو حاتم (٢) في صحيحه.

ووجه الشاهد من هذا الحديث: أنه قال: «والذين يتخذون القبور مساجد» يعني: أنهم من شرار الناس، فالذين يتخذون القبور مساجد هم من شرار الناس؛ وذلك لأن اتخاذ القبور مساجد - كما ذكرنا - وسيلة من وسائل الشرك بالله جل وعلا.

وقوله: «والذين يتخذون القبور مساجد» هذا يعم كل اتخاذ للقبر مسجدا، سواء اتخذه بالصلاة عليه، أو بالصلاة إليه أو بالصلاة عنده، فذلك القصد


(١) أخرجه البخاري معلقا إثر حديث (٤٢٦) .
(٢) يعني ابن حبان. وأخرجه أحمد (٥٣١٦) وابن خزيمة (٨٧٩) والطبراني في " الكبير " كما في " مجمع الزوائد " ٢ / ٢٧ وقال: إسناده حسن.

<<  <   >  >>