للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

قوله: " حذو القذة بالقذة " أي: مثلا بمثل، وهو مثل للشيئين يستويان، ولا يتفاوتان، مأخوذ من قذة السهم، وهي أذنه؛ لأن كل قذة تقر على صاحبتها، ثم تقطع على قياسها، فلا يكون بينها تفاوت. وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فحصل في هذه الأمة مثل ما حصل في الأمم قبلنا في أبواب الربوبية، وفي أبواب الإلهية، وفي الأسماء والصفات، وكذلك في العمل، وفي السلوك، وكذلك القول في أفعال الله- جل وعلا- فكل شيء كان فيمن قبلنا جاء ووقع في هذه الأمة، نسأل الله- جل وعلا- السلامة والعافية.

قوله: «حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: " فمن؟» أخرجاه (١) ": وجه الدلالة من هذا الحديث ظاهرة، بل عماد هذا الباب على هذا الحديث من أن كل كفر وشرك وقع في الأمم السالفة فسيقع في هذه الأمة، فإن الأمم السالفة عبدت الأوثان وكفرت بالله- جل وعلا- وسيقع في هذه الأمة من يعبد الأوثان ومن يكفر بالله- جل وعلا- في الربوبية وفي الإلهية وفي الأسماء والصفات وفي أفعال الله- جل وعلا- وفي الحكم والتحاكم، وهكذا في أنواع كثيرة مما حصل فيمن قبلنا حتى في أمور السلوك والبدع، بل حتى في أمور الأخلاق والعادات التي تتصل بالدين فإنه سلكت هذه الأمة مسلك الأمم قبلها مخالفة نهي النبي صلى الله عليه وسلم.

ووجه الاستشهاد من حديث ثوبان -وهو حديث طويل- قوله -عليه الصلاة والسلام-: «وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين» والأئمة المضلون هم الذين اتخذهم الناس أئمة، إما من جهة الدين، وإما من جهة ولاية الحكم.


(١) يعني البخاري ومسلم.

<<  <   >  >>