قوله:" وللنسائي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه -: «من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه»(١) .
قوله: " من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر" يعني: أن عقد العقد والنفث فيها من أنواع السحر. والنفث المقصود به هنا: النفث الذي فيه استعاذة واستعانة بالشياطين، فليس كل نفث في عقدة يعقد السحر، بل لا بد أن يكون النفث بأدعية معينة ورقى شركية وتعويذات وكلام تحضر الجن عند تلاوته وتخدم هذه العقدة السحرية، وهو ما كان يتعاطاه الناس المردة في زمان النبي -عليه الصلاة والسلام- من النفث في العقد، كما قال- جل وعلا-: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}[الفلق: ٤] وهن السواحر.
قوله: " فقد سحر" أي يخدم هذا السحر بالنفث في العقدة، وفائدة العقدة عند السحرة أنه لا ينحل السحر ما دامت معقودة، فينعقد الأمر الذي أراده الساحر بشيئين: بالعقدة، وبالنفث بالعقدة، أي عقدة حبل أو خيط أو نحو ذلك، وبالنفث فيها بالأدعية الشركية والاستعانة بالشياطين، ومن الأمور المهمة التي ينبغي أن تعلم في هذا الباب: أن العقد تارة تكون مرئية واضحة، وتارة تكون صغيرة جدا.
قوله: " ومن سحر فقد أشرك " هذا عام؛ لأنه جعل الإشراك جزاء السحر، بأسلوب الشرط والجزاء، فكأنه قال: كل من سحر فقد أشرك، يعني: سحر بذلك النحو الذي ذكر، وهو أن يعقد عقدة ثم ينفث فيها،