و"من سحر فقد أشرك " وهذا دليل لما ذكرناه في الباب قبله، من أن كل سحر يعد من أنواع الشرك؛ لأنه لا يمكن أن يحدث السحر إلا بالنفث في العقد، أو باستحضار الجني، وبعبادة الجن، ونحو ذلك، وهذا شرك بالله.
قوله:" ومن تعلق شيئا وكل إليه " تقدم نظير هذا، ومعنى هذا الحديث: أن القلب إذا تعلق بشيء- بمعنى أحبه- ورضيه وتعلق به، فإنه يوكل إليه، ويجعل هو السبب الذي من أجله يجيء نفعه أو يجيء ضره. ومعلوم أن كل الأسباب الشركية تعود على فاعلها أو على الراضي بها بالضرر لا بالنفع، والعبد إذا تخلى عن الله- جل وعلا- ووكل إلى نفسه أو وكل إلى غير الله- جل وعلا- فقد خاب وخسر وضر أعظم الضرر، فسعادة العبد وعظم صلاح قلبه، وعظم صلاح روحه، بأن يكون تعلقه بالله- جل وعلا- وحده.
وقوله هنا:"ومن تعلق شيئا وكل إليه " دليل على أن من تعلق بالله فإن الله كافيه، ومن تعلق قلبه بالله إنزالا لحوائجه بالله، ورغبا فيما عند الله، ورهبا مما يخافه ويؤذيه- يعني يؤذي العبد- فإن الله- جل وعلا- كافيه، كما قال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: ٣] وإذا تعلق العبد بغير الله فإنه يوكل إلى ذلك الغير، والعباد فقراء إلى الله، والله- جل وعلا- هو ولي النعمة وولي الفضل، قال سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر: ١٥] فمن أنزل حاجته بالله أفلح، ومن تعلق قلبه بالله أفلح، وأما من تعلق بالخرافات، أو تعلق بالأمور الشركية كالسحر،