للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

ولا مخرج من الملة، وتارة نقول: الرياء شرك خفي؛ لأنه ليس بظاهر وإنما هو باطن خفي في قلب العبد؛ ولهذا تجد أن كثيرين من أهل العلم يعبرون عن الشرك الأصغر بيسير الرياء، وتارة يعبرون عن الشرك الخفي بالرياء؛ ذلك لأن الشرك يختلف من حيث الإطلاق - كما سبق - من عالم إلى آخر، فتارة يقسمون الشرك إلى أكبر وأصغر، ومنهم من يقسمه إلى أكبر وأصغر وخفي، وكل له اصطلاحه، وكل الأقوال صواب.

" عن أبي هريرة مرفوعا، «قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» (١) هذا الحديث يدل على أن الرياء مردود على صاحبه، وأن الله - جل وعلا - لا يقبل العمل الذي خالطه الرياء، والعلماء فصلوا في ذلك فقالوا: الرياء - إذا عرض للعبادة - له أحوال:

الحالة الأولى: أن يعرض للعبادة من أولها، فإذا عرض للعبادة من أولها فإن العبادة كلها باطلة، كأن ينشئ الصلاة لنظر فلان، فهو لم يرد أن يصلي، لكن لما رأى فلانا ينظر إليه صلى، فهذا عمله حابط، يعني أن الصلاة التي صلاها حابطة وهو مأزور على مراءاته ومرتكب الشرك الخفي، الشرك الأصغر.

والحال الثانية: أن يكون أصل العبادة لله، ولكن خلط ذلك العابد عمله رياء، كمن أطال الركوع وأكثر التسبيح وأطال القراءة والقيام لأجل من يراه، فأصل العبادة - والتي كانت لله - له، وما عدا ذلك فهو حابط؛ لأنه راءى في الزيادة على الواجب فيحبط ذلك الزائد وهو إثم عليه، لا يؤجر عليه


(١) أخرجه مسلم (٢٩٨٥) .

<<  <   >  >>