وجمهور العلماء على خلاف ذلك، وأن الأمر في ذلك للتعجيز، وليس لجهة التعليل؛ ولهذا قال في الحديث الذي بعده:«من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ» ، فلما قال:«كلف أن ينفخ فيها الروح» علمنا أن النهي في التصوير كان منصبا على ما فيه روح، يعني: على ما حياته بحلول الروح فيه، أما ما حياته بالنماء كالمزروعات والأشجار ونحوها، فليس داخلا في ذلك.
" ولهما عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله» : هذا فيه تنبيه على العلة، وهذه العلة هي المضاهاة بخلق الله - جل وعلا - وهي إحدى العلتين اللتين من أجلهما حرم التصوير، فالتصوير حرم، وصار صاحبه من أشد الناس عذابا لأجل أنه يضاهي بخلق الله - جل وعلا - ولأن الصورة وسيلة للشرك.
والمضاهاة بخلق الله - جل وعلا - التي رتب عليها أن يكون فاعلها أشد الناس عذابا يوم القيامة، عند كثير من العلماء: محمولة على المضاهاة التي تكون كفرا؛ لأن المضاهاة في التصوير يكون كفرا في حالتين: الحالة الأولى: أن يصور صنما ليعبد، أو يصور إلها ليعبد، كأن يصور لأهل البوذية صورة بوذا، أو يصور للنصارى المسيح، أو يصور أم المسيح ونحو ذلك، فتصوير ما يعبد من دون الله - جل وعلا - مع العلم بأنه يعبد هذا كفر بالله - جل وعلا -؛ لأنه صور وثنا ليعبد، وهو يعلم أنه يعبد، فيكون شركا أكبر، وكفرا بالله - جل وعلا -.