للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبحث الْعَاشِر: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي التَّفْسِير العلمي لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم١

ذكر الإِمَام الشاطبي رَحمَه الله أَن الشَّرِيعَة الإسلاميّة أُمية وَأَنَّهَا جَارِيَة على مَذَاهِب أَهلهَا٢، ثمَّ بنى على هَذِه الْمَسْأَلَة أَشْيَاء:

"مِنْهَا: أَن كثيرا من النَّاس تجاوزوا فِي الدَّعْوَى على الْقُرْآن الحدَّ فأضافوا إِلَيْهِ كل علم يُذكر للْمُتَقَدِّمين أَو الْمُتَأَخِّرين من عُلُوم الطبيعيات، والتعاليم٣، والمنطق، وَعلم الْحُرُوف، وَجَمِيع مَا نظر فِيهِ الناظرون من هَذِه الْفُنُون وأشباهها؛ وَهَذَا إِذا عرضناه على مَا تقدم لم يَصح.

وَإِلَى هَذَا فَإِن السّلف الصَّالح من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن يليهم كَانُوا أعرف بِالْقُرْآنِ وبعلومه وَمَا أودع فِيهِ، وَلم يبلغنَا أَنه تكلم أحد مِنْهُم فِي شَيْء من هَذَا الْمُدعى ... وَلَو كَانَ لَهُم فِي ذَلِك خوض وَنظر لبلغنا مِنْهُ مَا يدلنا على أصل الْمَسْأَلَة، إلَاّ أَن ذَلِك لم يكن؛ فَدلَّ على أَنه غير مَوْجُود عِنْدهم، وَذَلِكَ دَلِيل على أَن الْقُرْآن لم يقْصد فِيهِ تَقْرِير لشَيْء مِمَّا زَعَمُوا، نعم تضمن علوما هِيَ من جنس عُلُوم الْعَرَب، أَو مَا يَنْبَنِي على معهودها مِمَّا يتعجب مِنْهُ أولو الْأَلْبَاب، وَلَا تبلغه إدراكات الْعُقُول الراجحة دون الاهتداء بأعلامه والاستنارة بنوره، أما أَن فِيهِ مَا لَيْسَ من ذَلِك فَلَا.

وَرُبمَا استدلوا على دَعوَاهُم بقوله تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ


١ - انْظُر فِي هَذَا المبحث الإتقان (٢/٣٤٨) ، ومناهل الْعرْفَان (١/٥٦٥) ، ومباحث فِي عُلُوم الْقُرْآن، ص (٢٧٠) ، واتجاهات التَّفْسِير فِي الْعَصْر الرَّاهِن، ص (٢٩٧) ، وبحوث فِي أصُول التَّفْسِير ومناهجه، ص (٩٧) وَمَا بعْدهَا.
٢ - انْظُر الموافقات (٢/١٠٩) وَمَا بعْدهَا.
٣ - قَالَ عبد الله دراز: ((التعاليم)) الرياضيات من الهندسة وَغَيرهَا. انْظُر الطبعة الَّتِي حققها من الموافقات (٢/٧٩) حَاشِيَته.

<<  <   >  >>