للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَيْءٍ} ١، وَقَوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ٢، وَنَحْو ذَلِك، وبفواتح السُّور وَهِي مِمَّا لم يعْهَد عِنْد الْعَرَب، وَبِمَا نقل عَن النَّاس فِيهَا، وَرُبمَا حُكي من ذَلِك عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَغَيره أَشْيَاء.

فَأَما الْآيَات فَالْمُرَاد بهَا عِنْد الْمُفَسّرين مَا يتَعَلَّق بِحَال التَّكْلِيف والتعبد٣، أَو المُرَاد بِالْكتاب فِي قَوْله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ٤ اللَّوْح الْمَحْفُوظ٥، وَلم يذكرُوا فِيهَا مَا يَقْتَضِي تضمنه لجَمِيع الْعُلُوم النقلية والعقلية.

وَأما فواتح السُّور، فقد تكلم النَّاس فِيهَا بِمَا يَقْتَضِي أَن للْعَرَب بهَا عهدا كعدد الْجمل الَّذِي تعرَّفوه من أهل الْكتاب، حَسْبَمَا ذكره أَصْحَاب السّير، أَو هِيَ من المتشابهات الَّتِي لَا يعلم تَأْوِيلهَا إلَاّ الله تَعَالَى، وَغير ذَلِك، وَأما تَفْسِيرهَا بِمَا لَا عهد بِهِ فَلَا يكون، وَلم يَدعه أحد مِمَّن تقدّم، فَلَا دَلِيل فِيهَا على مَا ادعوا،


١ - سُورَة النَّحْل، الْآيَة: ٨٩.
٢ - سُورَة الْأَنْعَام، الْآيَة: ٣٨.
٣ - انْظُر النكت والعيون للماوردي (٢/١١٢) ، وَالْمُحَرر الْوَجِيز لِابْنِ عَطِيَّة (٦/٤٨) ، وَزَاد الْمسير لِابْنِ الْجَوْزِيّ (٣/٣٥) ، وَالتَّفْسِير الْكَبِير للرازي (١٢/١٧٨) ، ومدارك التَّنْزِيل للنسفي (٢/١١) ، وَالْبَحْر الْمُحِيط لأبي حَيَّان (٤/١٢٦) ، فقد خرّجوا قَول من قَالَ: إِن المُرَاد بِالْكتاب هُنَا الْقُرْآن بِنَحْوِ مَا ذكر أَبُو إِسْحَاق هُنَا. وَذَلِكَ عِنْد آيَة الْأَنْعَام.
وَانْظُر جَامع الْبَيَان (١٧/٢٧٨) عِنْد آيَة النَّحْل تَجِد أَن الإِمَام الطَّبَرِيّ قد أخرج عَن مُجَاهِد وَابْن جريج نَحْو مَا ذكر أَبُو إِسْحَاق هُنَا. وَقد تتبعت بعض الطّرق إِلَى مُجَاهِد فَوجدت رجال إسنادها ثِقَات. وَبِنَحْوِ مَا قَالَ أَبُو إِسْحَاق هُنَا فسّر الْآيَة أَبُو اللَّيْث فِي بَحر الْعُلُوم (٢/٢٤٦) ، وَكَذَلِكَ الْبَغَوِيّ فِي معالم التَّنْزِيل (٣/٨١) .
٤ - سُورَة الْأَنْعَام، الْآيَة: ٣٨.
٥ - روى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره (١١/٣٤٥) بِسَنَدِهِ الثَّابِت من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن معنى الْآيَة: مَا تركنَا شَيْئا إلاّ قد كتبناه فِي أم الْكتاب. وَثَبت عَن قَتَادَة نَحْو هَذَا التَّفْسِير. انْظُر تَفْسِير الْقُرْآن لعبد الرَّزَّاق الصَّنْعَانِيّ (٢/٢٠٦، ٢٠٧) .

<<  <   >  >>