للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورسوله، وذلك هو العبادة التي خلق الله الخلق لأجلها، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]. فلا يضرُّها احتمالُ أن يكون الخبر في نفس الأمر باطلًا.

أوَلا ترى أن المرأة إذا مكَّنتْ من عهدته زوجَها أو سيدَها امتثالًا لأمر الله عز وجل، ثبت لها الأجر والثواب، حتى في صورة أن يكون ذلك البعل أو السيد لا يحلُّ لها في الباطن، كأن يكون قد طلق أو أعتق ولم تعلَمْ هي، وكأن يكون في نفس الأمر أخاها أو أباها أو ابنها وهي لا تعلم.

على أننا نقول: إن الله تبارك وتعالى رقيبٌ على كل حركة تقع في العالم، فيعدِل بقضائه وقدره ما عساه أن يقع من الخلل بسبب قواعد شريعته، وعلمه سبحانه محيط، وحكمته بالغة، وعلمنا وحكمتنا ناقصان محدودان، فإذا قامت الحجة الشرعية على شيء ولم نفهم وجه الحكمة فيه، أو رأينا أنه خلاف الحكمة فذلك ثمرة قصور علمنا، والله أعلم.

[ص ٤] شبهة أخرى:

زعموا أن بعض الظاهرية زعم أن العمل بخبر الواحد وإن لم يمنعه العقل، فقد منع منه الشرع؛ لأنه إنما يفيد الظن (١)، وقد قال الله عز وجل: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: ٣٦] وما في معناها من الآيات.

وأجيب عنه بأجوبة:

منها: أن الظن في الآيتين هو الخرص، كما قال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا


(١) انظر لنفي نسبة هذا القول إلى الظاهرية ما سبق في (ص ٦٤ - ٦٥).

<<  <   >  >>