تجسسوا (وقوله سبحانه) ولا يغتب بعضكم بعضاً (الآية فتدبر فأنه لا يخلو عن شيء ولا أل من أن حمل الأمر على مطلق الطلب غير متعين فيجوز حمله على الوجوب بالنسبة إلى من علم أنه لو لم يجتنب البعض الذي هو إثم وقع في غيره مما كان ذلك البعض في ضمنه. وكذا بالنسبة إلى من اشتبه عليه الأمر فيكون نظير من اشتبهت عليه زوجته بأجنبيات في بلدة محصورة فإنه يحرم عليه وطء كل امرأة فيها لمكان الاشتباه على ما ذكره غير واحد من الفقهاء ويجوز حمله على الندب نظراً إلى إشغال الكثير على ما يندب اجتنابه. قال ذلك بعض الأجلة. فتأمل ذلك. والله تعالى يتولى هداك. ولعل الأولى في الجواب ما ذكره الخادمي أولاً فتذكر فما في العهد من قدم.
) ومنها (ما جرى في قوله تعالى) فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا (وذلك أن الفاضل محمد الأفكرماني. سقى ثراه صيب العفو الصمداني. ذكر فيه سؤالاً وجواباً أوردهما في حواشيه على تفسير جزء النبأ من تفسير البيضاوي. فقال فإن قيل هذه الزيادة إن كانت غير مستحقة كانت ظلماً. وإن كانت مستحقة كان تركها في أول الأمر إحساناً. والكريم لا يليق به الرجوع في إحسانه. والجواب أنها مستحقة وترك المستحق في بعض الأوقات لا يوجب الإبراء والإسقاط انتهى. فقال لي شيخ الإسلام ما تقول في هذا الجواب. فقلت هو سراب يحسبه الظمآن أنه شراب. فقال فما عندك في هذا المقام. فقلت يأبى الله تعالى أن أتكلم قبل أن أعرف ما عند شيخ الإسلام. فقال قد كتبت على الحاشية. ما عسى أن يرفع طرف الغاشية.) ونصه هذا (: إن السؤال والجواب دائران على ملاحظة كون العذاب هنا اثنين عذاب ناقص واقع أولاً وعذاب زايد واقع بعده. ويمكن الجواب بملاحظة كون العذاب واحداً بأن ما استحقوه عذاب مستمر متزايد أبدي فلا يتصور وقوع ذلك إلا بأن يكون الجزء الواقع منه ثانياً أزيد من الواقع أولاً. وهذا مما اقتضاه الطبع فلا تعدد حتى يرد السؤال على أن المقبس بالجزء بنية تحصيل الكل تلبس بذلك الكل وذلك شبيه بالكلي الطبيعي الذي لا تحقق له في الخارج إلا في ضمن جزئياته فمتى تحقق شيء منها تحقق هو في ضمنه قليلاً كان أو كثيراً. ثم قال وهذا الجواب مما منحني به المولى سبحانه من فيضه القدسي. وفضله الأنسي. فله الحمد على ذلك. وأسأله تعالى سلوك أحسن المسالك. فقلت يا ثالث الجرجان. والعلامة الثاني. قد أشرت إلى هذا الجواب في تفسير روح المعاني. وأشرت إلى سبب استحقاقهم العذاب متزايداً وهو أن الكفر والمعاصي متزايدة القبح بالاستمرار عليها ويرشد إلى ذلك أن الإصرار على الصغيرة كبيرة وأن ذم الناس من يتكرر منه القبيح أشد من ذمهم من يقع منه مرة واحدة واستقباحهم وقوع القبيح منه ثاني مرة أقوى من استقباحهم وقوعه أول مرة ونقلت جواباً آخر عن السؤال لكني أشرت إلى ما فيه وهو أن المراد بالعذاب ما يعذب به وزيادته إنما هي لحفظ الأصل الذي كان لأهل النار أول الأمر فإنه لولا الزيادة لألغوا ما أصابهم ولم يتألموا به الألم الذي يستحقونه. ثم أني أقول الآن. والله تعالى المستعان. يحتمل أن تكون زيادة العذاب بتكراره واستمراره لا بزيادة شدته فالكلام إشارة إلى الخلود على أبلغ وجه وعليه فلا سؤال. ولا قيل ولا قال. فليتدبر. وقال بعض الأجلة الآية لا تقتضي وقوع الزيادة لأن المراد إن زدناكم شيئاً فلن نزيدكم إلا عذاباً وأظن أن السوق لا يساعده فليتأمل.