لها. ولعن غبها وشطرها وربعها وسائر أصنافها آخرها وأولها. وكان ذلك خامس شهر ربيع الأول ثالث شهور سنة تسع وستين. بعد الألف والمائتين من هجرة قرة عين الخلائق أجمعين. صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه. ما فرح مسلم بعروجه وأوبه. ولما رأتني عين الزوراء شرقت بخمر المسرة أفواه طرقها. وكانت عودتي إليها غاية أمنيتها كما كانت لنفسي نهاية بغيتها لولا الملعونة في عنقها. وهذه نبذة مما كان في سفرنا إلى دار قسطنطين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
) ثم اعلم (أني والله ما كتبت لما حررت مسوده. وما هيأت له إلا اليسير عده. وغالبه قد حررته وأنا في حجر أم ملدم. والقلم يلتوي بين أصابعي ولا التواء الأرقم إلا أنه أظن أني صادفت في بعض الأحيان غفلة من تلك الملعونة فأبدعت. ووجدت فرصةً فأودعت في حقائق العبارات من درر الإشارات ما أودعت. على أنها على العلات لا تخلو عن نقع لأطفال الأدب. ومن يريد من الأتراك أن يذوق بطرف لسانه طعم كلام العرب. وكرامةً لبعض محاسن فيها. أرجو من حديد البصر الإغماض عن رصاص مساويها. وإن كان قد سبق مني مدح لها إشارةً ومقالاً. فأنا فيه جبان خلا له الجو وصالاً.
وإذا ما خلا الجبان بأرضٍ ... طلب الطعن وحده والنزالا
وقد شجعني على تأجيج هذا الضرام. بأضغاث ما حوته هذه الأرقام. اطلاعي على رحلة واقدي زمانه ابن كبريت وشرارة صاحب سقط الزند في أوانه الفحام. فلعمري إن النكات الأدبية قد رميت من كلٍ منهما بثالثة الأثافي. والمباحث العلمية قد أحرقت بنارهما منها القدامي والخوافي. والأعمش إذا قيس بالأعمى فهو زرقاء اليمامة. وبيضة العصفور إذا قيست ببيضة النملة فهي بيضة النعامة. ومثل رحلتي ذينك الشيخين عندي. رحلتا سيدي النابلسي وشيخ مشايخي السويدي. فإنهما أيضاً لم يلتزم فيهما ما التزمت. ولم يلكا نحو ما سلكت فيما ابتدأت وختمت. فلله تعالى الحمد باطناً وظاهراً. وله سبحانه الشكر أولاً وآخراً. وهنا ألقت الغطاء على أسود شعرها المحابر. وتضاءلت في مسجد الراحة من الأصابع المنابر.
وألقت عصاها واستقرت بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر
وصادف ذلك مستهل السنة المتمة للسبعين. من القرن الثالث عشر من هجرة خاتم المرسلين. لا زالت ترفع إليه وإلى آله وأصحابه من تحف الصلوة والسلام. أضعاف أنفاس الخلائق منذ خرج آدم إلى أن يعود إلى دار السلام. ولما تم الكتاب قلت مؤرخاً: