للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل نحن أمرنا بالصلوة على النبي صلى الله عليه وسلم فلم لا نصلي عليه بل نطلب من الله تعالى الصلوة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم. قلت قد أجاب بعض الحنفية عن هذا السؤال بأننا لما رأينا في أنفسنا نقصاناً طلبنا الصلوة من حضرة ذي الجلال. لتكون على وجه الكمال. انتهى. ثم قال قد اعترضت هذا المقال) بما نصه (. هذا السؤال ساقط عن أصل. ولا بحث في جوابه بفصل ووصل. لأن الصلوة أما بمعنى الدعاء أو طلب الرحمة والبركة على اختلاف الأقوال. فمن قال اللهم صلى عليه فقد أدى المأمور به بأبلغ ما كان لإفادة الصلوة من المولى سبحانه ومن العبد على أنه ليس في الأمر ما يدل على أن نقول نصلي مثلاً كما اتفقوا على أن من قال الحمد لله فقد حمد الله تعالى لأن الحمد هو الثناء وإثبات الثناء له تعالى أيضاً ثناء ولو أمرنا بشيء بعينه من عند الشارع لزم لنا الامتثال بنصه بلا مانع انتهى. فقلت يا مولانا الكلام في هذا المقام طويل. وعالم فاس لم يأت منه إلا بالقليل. ومع ذا فهو وإن جل. قد اختصر المقال وأخل. وقبل أن أتم المرام. جاء بعض الوزراء الفخام. فانقطع البحث. ولم يصدر مني سمين ولا غث. فإن أردت أن يكون لك نوع بصيرة في هذا المقام. فاسمع ما نتلوه عليك من الكلام. وهو بعض مما ذكرناه في تفسيرنا روح المعاني. في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني. فأقول آخذاً له. من كلام الأجلة ممن لا ينكر أحد فضله. ظاهر سوق الآية أعني قوله تعالى) يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما (إنه لا يجاب اقتدائنا به تعالى فيناسب اتحاد المعنى مع اتحاد اللفظ وقراءة ابن مسعود صلوا عليه كما صلى عليه. وكذا قراءة الحس فصلوا عليه أظهر فيما ذكر فيبعد تفسير صلوا عليه يقولوا اللهم صلي على النبي أو نحوه ومن فسره بذلك أراد أن المراد بالتعظيم المأمور به ما يكون بهذا اللفظ ونحوه مما يدل على طلب التعظيم لشأنه عليه الصلوة والسلام من الله عز وجل لقصور وسع المؤمنين عن أداء حقه صلى الله تعالى عليه وسلم وما جاء في الأخبار إرشاد إلى كيفية ذلك وصفة لا أنه تفسير للفظ صلوا وجاء ذلك على عدة أوجه والجميع ظاهر أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والإمام أحمد وعبد بن حيد والشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن مردويه عن كعب بن عجعرة رضي الله تعالى عنه قال قال رجل يا رسول الله أما السلام عليك فقد علمنا فكيف الصلوة عليك قال قل اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وأخرج الإمامان مالك وأحمد والشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا يا رسول الله كيف تصلي عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم الحديث وأخرج الإمام أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن أبي سعيد الحذري قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك قد علمنا فكيف الصلوة عليك فقال قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم الحديث. وأخرج النسائي وغيره عن أبي هريرة أنهم سألوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد الحديث. وفي آخره والسلام كما قد علمتم إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة. والظاهر من السؤال أنه سؤال عن الصفة كما أشرنا إليه قبل وهو الذي رجحه الباجي وغيره وجزم به القرطبي. وقيل إنه سؤال عن معنى الصلاة وبأي لفظ تؤدى والحامل لهم على السؤال على هذا أن السلام لما ورد في التشهد بلفظ مخصوص فهموا أن الصلوة أيضاً تقع بلفظ مخصوص ولم يفروا إلى القياس ليتيسر الوقوف على النص سيما والإذكار يراعى فيها اللفظ ما أمكن فوقع الأمر كما فهموه فإنه عليه الصلوة والسلام لم يقل كالسلام بل علمهم صفة أخرى كذا قيل. ويقال على الأول أنهم لما سمعوا الأمر بالصلاة بعد سماع أن الله وملائكته يصلون عليه عليه الصلوة والسلام وفهموا أن الصلوة منه عز وجل. من ملائكته نوع من التعظيم. لائق بشأن ذلك النبي الكريم. عليه من الله تعالى أفضل الصلوة وأكمل التسليم. لم يدروا ما اللائق منهم من كيفيات تعظيم ذلك الجناب. وسيد ذوي الألباب. صلى الله تعالى عليه وسلم

<<  <   >  >>