ولعل ما ذكرناه ألطف منه ومقتضى ظاهر إرشاده صلى الله تعالى عليه وسلم إياهم إلى طلب الصلاة عليه من الله تعالى أنه لا يحصل امتثال الأمر إلا بما فيه طلب ذلك منه عز وجل ويكفي اللهم صل على محمد لأنه الذي اتفقت عليه الروايات في بيان الكيفية وكان خصوصية الإنشاء لفظاً ومعنى غير لازمة ولذا قال بعض من أوجبها في الصلاة أنه كما يكفي اللهم صل على محمد يكفي صلى الله على محمد على الأصح بخلاف الصلوة على رسول الله فإنه لا يجزي اتفاقاً لأنه ليس فيه إسناد الصلوة إلى الله تعالى فليس في معنى الوارد. وفي تحفة ابن حجر يكفي الصلوة على محمد أن نوى بها الدعاء فيما يظهر وقال النيسابوري لا يكفي صليت على محمد لأن مرتبة العبد تقصر عن ذلك بل يسأل ربه سبحانه أن يصلي عليه عليه الصلوة والسلام) وح (فالمصلي عليه حقيقة هو الله تعالى وتسمية العبد مصلياً مجاز عن سؤال الصلاة فتأمله. وذكروا أن الإتيان بصيغة الطلب أفضل من الإتيان بصيغة الخبر) وأجيب (عن إطباق المحدثين على الإتيان بها بأنه مما أمرنا به من تحديث الناس بما يعرفون إذ كتب الحديث يجتمع عند قراءتها كثير من العوام فخيف أن يفهموا من صيغة الطلب أن الصلوة منه تعالى لم توجد بعد وإلا لما طلبنا حصولها منه تعالى له عليه الصلوة والسلام فأتى بصيغة يتبادر إلى إفهامهم منها الحصول وهي مع إبعادها إياهم من هذه الورطة متضمنة للطلب الذي أمرنا به انتهى. ولا يخفى ضعفه فالأولى أن يقال أن ذلك لأن تصليتهم في الأغلب أثناء الكلام الخبري نحو قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كذا وفعل صلى الله تعالى عليه وسلم كذا فأحبوا أن لا يكثر الفصل وأن لا يكون الكلام على أسلوبين لما في ذلك من الخروج عن الجادة المعروفة إذ قلما تجد في الفصيح توسط جملة دعائية إلا وهي خبرية لفظاً مع احتمال تشوش ذهن السامع وبطء فهمه وحسن الإفهام مما تحسن مراعاته فتدبر. والظاهر أنه لا يحصل الامتثال باللهم عظم محمداً التعظيم اللائق به ونحوه مما ليس فيه مشتق من الصلوة كصل وصلى فإنا لم نسمع أحداً عد قائل ذلك مصلياً عليه صلى الله عليه وسلم وذلك في غاية الظهور إذا كان قولوا صل على محمد في الأخبار تفسير لقوله تعالى صلوا عليه انتهى. إذا علمت ذلك تمكنت من تقرير السؤال هكذا إنا أمرنا بالصلوة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم وهي أما بمعنى التعظيم والدعاء بخير أو العطف أو نحو ذلك مما لا يتعين معه طلبنا إياها من الله عز وجل فلم يعين فيها كما دلت الأخبار الصحيحة. والآثار الصحيحة. الطلب لفظاً أو معنى كما في الجملة الخبرية التي قصد بها الطلب والإنشاء ولم يكف التعظيم بفعل أو قول لم يتضمن ذلك وكذا لم يكف ما يدل على العطف بنوع من أنواع الدلالة ولا ما يدل على الدعاء بخيرٍ ما من الخيور وعلى هذا لا يصادف كلام شيخ الإسلام المحز بل يحتاج إلى الجواب الذي نقل عن بعض الحنفية أو نحوه مما تضمنه كلامنا السابق. كما لا يخفى على من ألف النظر في الحقائق والدقائق. بقي أن بعض المعاصرين ناقش بغير ما أشرنا إليه في كلام شيخ الإسلام. وقد تركنا ذكر ذلك مع جوابه لذوي الإفهام والأفهام. وبحر الكلام في هذا المقام مديد. ويكفي من القلادة ما أحاط بالجيد. فتأمل ذلك. والله تعالى الهادي إلى أقوم المسالك.
) ومنها (ما جرى في قوله تعالى) من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعةً سيئةً يكن له كفل منها (فإنه حكي لييوماً ما جرى له في ذلك. وناولني ورقة كتب فيها ما قرره هنالك.) ونصه (: