للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان الموجد هو الله تعالى أو غلبتها لقدرته تعالى إن كانت هي التي أثرت في الفعل وفرضت أن الله تعالى أراد أن يوجد ذلك الفعل بقدرته وكلا الأمرين محال. ولا يدفع محذور ما لزم من العجز والغلبة في الثاني. قوله إن تأثيرها إنما هو على وفق إرادته تعالى لأن التأثير إذا قدرنا أنه صفة نفسية للقدرة الحادثة لم يمكن أن يتوقف ثبوته لها على شيء أصلاً. وإن كان الثاني وهو أن التأثير ليس صفة نفسية للقدرة الحادثة لزم أن تفتقر إلى معنىً يقوم بها ويوجب لها التأثير. وحينئذ ننقل الكلام إلى ذلك المعنى الذي أوجب لها التأثير هل ذلك أيضاً من صفة نفسية أو لمعنىً قام به ويلزم التسلسل أو قيام المعنى بالمعنى انتهى.) وأقول (كلام شارح الإرشاد. خارج عن مسلك السداد. فكلام الإمام في التصريح بأن القدرة الحادثة تؤثر في مقدورها وأن فعل العبد تقدير لله تعالى مراد له) وحاصله (إن قدرة العبد تؤثر فيما تعلقت به مشيئته إذا شاء الله تعالى لا على الاستقلال. وفيه أيضاً التصريح بأن المعتزلة قائلون بانفراد العبد بخلق فعله وأن فعله ليس بتقدير الله تعالى. وإن العبد إذا عصا بترك مأمور أو فعل منهي فقد انفرد بخلق فعله والله تعالى لا يريد ذلك. فعندهم يشاء الله تعالى ما لا يكون من المأمور ويكون ما لا يشاء من المنهي. وهذا فرق واضح مظهر لكون قول الإمام جارياً على السنة بخلاف قول المعتزلة فإنه مصادم لنص) لا قوة إلا بالله (ونص) وما تشاءون إلا أن يشاء الله () وأما ما أورده السنوسي (فجوابه أن تقول إن أردتم بأن القدرة الحادثة من صفة إيجاد الفعل أنها تؤثر على غير وفق إرادة العبد التابعة لإرادة الله تعالى فنختار أنها ليست من صفة نفسها إيجاد الفعل كذلك.) قولكم (فيلزم أن تفتقر إلى معنى يقوم بها ويوجب لها التأثير الخ قلنا لا يلزم ذلك لأنها عندنا صفة تؤثر وفق الإرادة فلا تحتاج لا إلى تعلق إرادة العبد التابعة لإرادة الله تعالى بالفعل وتعلق الإرادة بالفعل نسبة بين الإرادة والفعل المقدور لا معنى قائم بالقدرة فلا تسلسل ولا قيام المعنى بالمعنى. وإن أردتم أنها من صفة نفسها أن تؤثر في إيجاد الفعل الذي تعلقت به مشيئته التابعة لمشيئة الله تعالى فنختار أنها كذلك.) قولكم (يلزم سلب صفتها النفسية إن لم تؤثر وكان الموجد هو الله تعالى أو غلبتها لقدرته تعالى إن أثرت وأراد الله تعالى أن يوجده بقدرته وكلا الأمرين محال. قلنا لا يلزم شيء من المحالين لأن الفعل الذي تعلقت به مشيئة العبد إن تعلقت به مشيئة الحق تعالى أيضاً فلا يمكن أن لا تؤثر لأن القدرة صفة تؤثر على وفق مشيئة العبد التابعة لمشيئة الله تعالى فلا يتخلف تأثيرها عن تعلق المشيئة الإلهية فلا يلزم سلب الصفة النفسية ولا غلبتها لقدرة الله تعالى لأن الله تعالى قد شاء ذلك أي أن يقع ذلك الفعل بواسطة قدرة العبد فلا بد من وقوعه بقدرته بمشيئة الله تعالى فلم يقع إلا ما شاء الله تعالى أن يقع لكن بواسطة قدرة العبد التي هي من آثار قدرته عز وجل لحكمة مع الغنى عن ذلك. فما شاء تعالى كان بواسطة أو بلا واسطة. وما لم يشأ لم يكن. فلا غلبة ولا سلب للصفة النفسية. وإن كان الفعل الذي تعلقت به مشيئة العبد لم تتعلق به مشيئة الله تعالى فلا يمكن أن تؤثر قدرة العبد فيه أصلاً إذ لا تؤثر على وفق مشيئته إلا إذا كانت تابعة لمشيئة الله تعالى فإذا انفردت فلا تأثير إذ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فلا يتصور الغلبة إلا على فرض أن تتعلق مشيئة الحق تعالى بغير ما تعلقت به مشيئة العبد. والإمام لا يقول بتأثير قدرة العبد فيما لم تتعلق به مشيئة الحق تعالى لتصريحه بأن فعل العبد مقدور مراد الله تعالى فعند اختلاف الإرادتين لا إيجاد لقدرة العبد فلا غلبة لها) والحاصل (أن ما أورده السنوسي من المحذورين لا يلزم شيء منه إلا على تقدير الاستقلال واختلاف تعلق الإرادتين كما هو مذهب المعتزلة القائلين بأن الله تعالى يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء. وأما على تقدير عدم الاستقلال واتفاق المشيئتين. فلا لزوم أصلاً لشيء من المحذرين. وهو ظاهر لمن يرى. والحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى. ولله تعالى در من قال:

<<  <   >  >>