فإنه لو قيل فيهما كما شرقت القناة والعقل مكسوف لصح ولا يصح هنا أن يقال لا تنفع نفساً هي لم تكن آمنت من قبل. وأجيب بأنه يصح ذلك على معنى لا تنتفع نفساً هي بإيمانها. وحاصله لا تنفع نفس نفسها بالإيمان الخ) نعم (ما ذكره لتوجيه التأنيث غير متعين فقد قال أبو حيان أن التأنيث لتأويل الإيمان بالمعرفة أو العقيدة مثل التأنيث في جائته كتابي فاحتقرها فإنه على معنى الصحيفة أو الألوكة انتهى. قوله صفة نفساً جاز ذلك مع الفصل بالفاعل لعدم كون الفاعل أجنبياً عن الموصوف الذي هو المفعول لاشتراكهما في العامل وعليه فيصح أن يقال ضرب هنداً غلامها القريشية فليحفظ. قوله وهو دليل الخ إذ الآية على هذا المعنى الذي ذكره مصرحة بعدم الفرق بين ما إذا لم تقدم النفس إيمانها على ذلك اليوم وقدمته عليه. لكن لم تكسب فيه خيراً في عدم نفع الإيمان إياها. وهذا صريح في أن الإيمان المجرد عن العمل لا يعتبر ولا ينفع صاحبه كما هو رأي المعتزلة. هذا توجيه كلامه. لكن قيل أن المعتزلة يقولون بدخول جميع الأعمال المفروضة في الإيمان فمتى أخل المكلف ببعضها بأن ترك إحدى الصلوات الخمس مثلاً لم يكن مؤمناً وكان في منزلة بين المنزلتين الإيمان والكفر وخيراً في الآية نكرة في سياق النفي. وهي تعم فتفيد الآية التسوية بين عدم تقديم الإيمان على ذلك اليوم وتقديمه عليه لكن مع عدم كسب جميع الخيور فيه. ويتضمن ذلك التسوية بين عدم الإيمان والإيمان المجرد عن بعض الخيور. بل لعل المفهوم يشعر بأن هذا الإيمان نافع كما يظهر بأدنى تأمل. مع أن المعتزلة لا يقولون بنفعه إذ ترك بعض الفرائض عندهم مخل بالإيمان كترك الجميع فالآية لا تصلح دليلاً لتمام مدعاهم. ولا تضر القائلين من أهل السنة بأنه لا بد من النطق بكلمة التوحيد مع التصديق لأن ذلك النطق خير فالإيمان المجرد عن جميع الخيور التي منها هذا النطق عندهم أيضاً في حكم عدم الإيمان.) نعم (تضر المرجئة القائلين بأن انتفاء الأعمال طرأ لا يضر بالإيمان فتدبر. ثم أن الظاهر أن ضمير هو راجع لمجموع ما ذكر معناه من الآية. ومن زعم أن المرجع هو قوله تعالى) أو كسبت في إيمانها خيراً (وأن طريق الاستدلال أن يقال الإيمان المجرد عن العمل لو كان من قبل ذلك اليوم لكان نافعاً فيه أيضاً فقد بعد عن الحق بمراحل. كما لا يخفى على فاضل. قوله وللمعتبر الخ. إشارة إلى ثلاثة أجوبة عن الاستدلال) الأول (التخصيص أي ولمن اعتبر الإيمان المجرد عن العمل وقال إنه ينفع صاحبه حيث يخلصه عن الخلود في النار كما هو رأي أهل الحق تخصيص هذا الحكم بذلك اليوم. ومعنى هذا التخصيص هو أن عدم نفع الإيمان المجرد صاحبه مخصوص بذلك اليوم بمعنى أنه لا ينفعه فيه ولا يدرأ عنه القتل ونحوه. لا أن معناه أن المحكوم عليه بعدم النفع هو ما حدث في ذلك اليوم من الإيمان والعمال الصالح. ولا يلزم من عدم نفع ما حدث فيه عدم نفع الإيمان السابق عليه وإن كان مجرداً عن العمل كما قاله بعض الناظرين. لأن هذا ليس من تخصيص الحكم في شيء بل هو تخصيص للمحكوم عليه. يرجع حاصله إلى الجواب باشتمال الآية على اللف كما يأتي منا إن شاء الله تعالى الإشارة إليه. ومستند هذا التخصيص قبل تقديم الظرف وقيل السياق) واعترض (هذا الجواب بأنه متى اعتبر التخصيص لزم منه تخصيص الحكم بعدم نفع الإيمان الحادث في ذلك اليوم به أيضاً. ولا قائل بذلك إذ هو لا ينفع صاحبه في شيء من الأوقات بالاتفاق. قيل ويمكن دفعه بأن التخصيص في حكم عدم النفع إنما يلاحظ بالنظر إلى الإيمان المجرد فقط على أن يكون معنى الآية يوم يأتي بعض الآيات لا ينفع الإيمان الغير السابق عليه صاحبه فيه ولا الإيمان الغير المكتسب فيه الخير. وإن نفع هو في الآخرة. وفيه أن فيه تخصيص الحكم وتخصيص المحكوم عليه. كما في كلام ذلك البعض من الناظرين) ولعل (الذي شجع على هذا التخصيص الثاني العلم بأن الفريقين متفقان على عدم نفع الإيمان الحادث في شيء من الأوقات فليس هو محل النزاع فما بقي إلا مجرد الإيمان المجرد. مع أن جل المقصود إبطال حجة الخصم. ولاحتمال يبطل الاستدلال. فليتأمل.) والثاني (ما أشار إليه بقوله. وحمل الترديد الخ. وليس هو مع ما تقدم جواباً واحداً. كما توهمه من توهمه. بل ذاك جواب مستقل فيه تسليم عطف مسبت على آمنت بعد النفي. وهذا