للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أهيم وما أظهرت في الحب بدعة ... ولو أنهم ذاقوا الغرام لهاموا

هل العشق إلا لوعة في جوانحي ... تنم عليها أنه وغرام

ألام على حبي وهو مبرح ... وأكبر حب في هواك ملام

أيستكثرون الوصل لي منك ساعة ... وقد مر عام للصدود وعام

وأنشدني قال أنشد أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري لمحمد بن أبي أمية:

مل الوصال فعاد بالهجر ... وتكلمت عيناه بالغدر

وظللت محزونا أفكر في ... إعراضه عني وفي صبري

ما نلت منه في مودته ... يوما أسر به مع الدهر

في كل موضع لذة حزن ... يغتاله من حيث لا ندري

وأنشدني قال أنشد أبو محمد بن القاسم الأنباري لخالد الكاتب:

قد القضيب حكى رشاقة قده ... والورد يحسد وردة في خده

والشمس جوهر نورها من نوره ... والبدر أسعد سعده من سعده

خشف أرق من الحياء بهاؤه ... ومن الفرند المحض في أفرنده

لو مكنت عيناك من وجناته ... لرأيت وجهك في صفيحة خده

) ومنهم (الأثير النايل، الكثير الفضائل، الشيخ الإمام، القدوة تاج الدين أبو محمد عبد الوهاب بن هبة الله بن احمد المقدسي الأنصاري الشافعي نفع الله تعالى به، ذو الرياسة العلية والسياسة العلمية، والمراتب السنية والمناقب السرية والهمم البعيدة الزكية، والشيم الرضية المرضية وأفضل الفضلاء بقطر الإسكندرية من رجل انتهى إليه العلم ووقف عليه العقل واختصه الكرم، وبعد له الصيت ووسمه الصدق وعظمه العالم وخلقته العبادة، وأدبه التواضع، وارتضاه التصوف ووسعته السنة وأحبته الأمة، وجرت على يديه النعمة، بسيط الكف رحب الصدر موطأ الأكناف سهل الخلق، كريم الطباع غيث مغيث وبحر زخور، ضحوك السن بشير الوجه، بادي القبول، يستقبلك بطلاقة ويخبرك ببشر، ويستدبرك بكرم غيب وجميل، نشر، ريان من العقل، خميص من الجهل، وراجح العلم، ثاقب الرأي، طيب الخلق محض) كذا (الظرفية، كاس من كل مكرمة، عار من كل ملامة، إن سئل بل، وإن قال فعل، فلم يحو فضله العصر، ولم يبد مثله ذلك الصفع، وذلك القطر، ولما درت له درر أخلاق التوفيق فشرب ريه، وهبت له نسمات الإرشاد، فتنسمها ذكية عنبرية، والتاحت له شمس المعارف، فالتمحها بيضاء نقية، ودعته المعالي لنفسها فأسرع إجابة دعوتها المعنوية إذ لا نطقية، اصطفته الخطة الشرعية، وارتضته إلا مرة القاضوية، فهو رئيس كتابها ومنشئ شروطها وآدابها، ومفتي مشكلها وإعرابها، والعارف بنقضها وإبامها، والعاكف على تنقير نوازلها، وتنفيذ أحكامها ومع سمو قدره ونفوذ نهيه وأمره، فالناس منصفون في سبقه، ومعترفون ببخس حقه، عارفون بما يجب لعلمه وفضله وحذقه، لقيته بمنزله من الإسكندرية لآخذ عنه واستفيد منه فأراني من فضله ما أتى بخرق العوائد وأتحفني بأعظم التحف وأكبر الفوائد:

لقد كان لي روضة عذبة ... مواردها في فم الصادر

أقلب طرفي بأرجائها ... فيرتع في مونق زاهر

وقد تحصل لي بخط يده البارع جملة تفتخر المهارق بها افتخارا وتطلع في أفق الطروس ليلا ونهارا فإنه:

تبث يمناه زهرا في الطروس ولا ... نكر على السحب أن بنبتن أزهارا

خط هو السحر لكنا ننزهه ... ونجعل القلم النفاث سحارا

ومما قرأته عليه بلفظي كتاب عيون الحقائق تأليف شيخه العالم الكبير الشهير الولي لله تعالى أبي سليمان داود الشاذلي نفع الله ببركته وهو ديوان عجيب من أحسن ما جمع في علم التصوف ومن أصل شيخي الذي بخطه البارع نقلت أصلي منه ومعه قابلته وعليه صححته، حدثني به عنه قراءة عليه ومما أسمعني من لفظه جميع الجزء الذي ألفه في الطريقة الصوفية فأبدع فيه تأليفا وإنشاء واطلع منه كواكب العجائب تشرق صباحا وتروق عشاء، وجميع الأحاديث الأربعينية البلدانية السلفية بحق قراءته لجميعها على الشيخ المحدث محي الدين أبي القاسم عبد الرحمن بن مخلوف بن عبد الرحمن بن جماعة بسماعه لها على الشيخ أبي الفضل جعفر بن علي بن هبة الله الهمداني نقلا بسماعه لها من مخرجها الحافظ أبي الطاهر احمد بن محمد السلفي رحمه الله وقد سمعت عليه أجزاء كثيرة وأحاديث مسلسلة عديدة منها حديث الرحمة المسلسل بشرطه وأجازني وكتب لي بخطه وأخبرني وقال:

<<  <   >  >>