للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لئن تباعدت الأجسام وافترقت ... فالروح واحدة والسر يجمعنا

وممن لقيته بها من بلغاء الخطباء، وفضلاء العلماء الشيخ العالم الفاضل علم الدين أبو قاسم بن عبد الله بن أبي القاسم الشافعي أنقى الله بركاته سراج من سرج الأئمة وهداة الأمة ومن يقتدي بأنواره، ويهتدي بآثاره في شبه الظلم ويهتدي بآثاره في شبه الظلم وظلم الشبه وغياهبهما المدلهمة كلما تقلب تغلب. وكيف ذهب اذهب. وأينما أصاب أصاب، وحيثما ثاب أثاب فأهل ولائه مهتدون بعلائه لا يطلع إلا ومغيب شهابه ظلاله، ولا يغيب قمرهم إلا وقد لاح هلاله، فأياديه تستهيدها المحافل ويستجديها الطالع والآفل يجتنيها الجناة على اختلاف طبقاتهم، وتباين درجاتهم وقد طاب فيهم خيرها وخبرها وحسن في مساري أسماعهم وأبصارهم مسلكها وأثرها فرفعت بأيدي الأيدي راياته، وتليت بالسنة سورته المعجزة وآياته وامتدت في مجال التأييد والتأبيد غايته وافترت به ثغور الأيام عن مباسهما، ونظمت مئاثره الأثيرة في سلك أعياد ومواسمها وحفظت بحفظ علومه العلمية في عالمها ومراسمها، وحليت بحلى معارفه السنية السنية صفحات لباتها ومعاصمها، فأصبحت الأرض مشرقة بأنواره ومبتهجة بآثاره، قد راقت نعمة ونضارة، ورقت له لدونة وغضارة، وعمت برفادتها البدو والحضارة فأقسم بما لديه من أحكام اليراعة وأحكام البراعة وباعث الاستطاعة بأعباء السمع والطاعة، وأنه لقسم لا يأثم عاقده، ولا تحل إلا بأكف البر معاقده لقد وردت لما وفدت موارد خطابه، وحصلت في حلبه خطابه وتولعت لما تطلعت إلى بسره وأرطابه، فتفيأته ظلالا، واستسغته زلالا واستنرت بلؤلؤ غرته، وآلاء مبرته قمرا فأنشدته وماثلا بين يديه الكريمة ترويا وارتجالا:

إليكم صرفت النفس وهي مروضة ... وجئت بقلبي نحوكم وهو يطيع

وان كنت سني الإخاء فأنني ... بحكم الهوى في حبكم كتشيع

لقيته أولا بأحواز مضر ببلد) دمنهور (ثم لقيته ثانيا بقسطاط مصر وهو بها العالم علم الدين المشهور، فسمعت من لفظه في الأولى حديث الرحمة المسلسل بشرطه وغير ذلك من مروياته، وأعلى مروياته، وقرأت عليه بلفظي في الثانية جميع الأربعين حديثا البلدانية للحافظ أبي طاهر رضي الله عنه وحدثني بها عن الإمام أبي القاسم عبد الرحمن بن مخلوف بن عبد الرحمن ابن جماعة الإسكندري قراءة منه عليه بلفظه بها عن جعفر بن علي أبي البركات الهمداني سماعا عن الحافظ السلفي سماعا، وحدثني بها أيضا عن أبي الحسن علي بن عمر الواني الصوفي قراءة عليه وهو يسمع بالقاهرة عن سبط السلفي سماعا متصلا، وحدثني بحديث الرحمة وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرني به أبو الحسين يحيى بن عبد السلام الإسكندري وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرني ابن عمي أبو بكر ابن عبد السلام الصفاقصي عرف باب المقدسية وهو أول حديث سمعته منه عن الحافظ السلفي، وهو أول حديث سمعته منه حضورا بسنده فيه وقرأت وسمعت أيضا عليه غير ذلك من كتب الحديث وغيرها وأجازني إجازة تامة مطلقة عامة وكتبت لي بخطة وأنشدني لبعض المشارفة:

ألا يا راحلا في فقر عمر ... يكابد في السرى حزنا وسهلا

بلغت نقى المشيب وجزت عنه ... وما بعد التقى إلا المصلا

وأنشدني للصاحب أبي القاسم بن عباد:

أيا قمر تبسم عن أقاح ... ويا غصنا يميس مع الرياح

جبينك والمقلد والثنايا ... صباح في صباح

وأنشدني لبعضهم:

قلت للأهيف الذي فضح الغصن ... كلام الوشاة ما ينبغي لك

قال قول الوشاة عندي ريح ... قلت أخشى يا غصن أن يستميلك

وأنشدني لبعضهم أيضا:

تثني عطفه خطوات دل ... إذا لم تثنه نثوات راح

يميل مع الوشاة وأي غصن ... رطيب لا يميل مع الرياح

وأنشدني لابن سنا الملك:

يا عاطل الجيد إلا من محاسنه ... عطلت فيك الحشا إلا من الحزن

في سلك جسمي خيط الدمع منتظم ... فهل لجيدك في عقد بلا ثمن

لا تخش مني فأني كالنسيم ضنى ... وما النسيم بمخشي على الخصن

<<  <   >  >>