للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحكم، فلم يعرف منه الظلم، ولى رتبة القضاء العلى، ببلد الثغر الإسكندراني، فجرى على النهج السوي، والسنن الرضى، فجر ذيول العز طلقا، وجرع الحلو والمر جزعا ومذقا وحظى فرقا، وأسعد فرقا، وأنحس فرقا، ثم عزل فلحقه الخمول، وعثر به الجد ففاته المأمول وبقي مطرحا، وأقطع الإهمال مسرحا:

ولو لم يعل إلا ذو محل ... تعالى الجو وانحط القتام

وما زال يدرس في أحسن المدارس، فيغص مجلسه بالواقف والجالس، ويحضر بين يديه خيار الفضلاء، وكبار العلماء، كلهم معتمدون عليه مستندون اليه، مستفيدون بين يديه:

وكل خاشع الصوت ... لديه خاضع النطق

وأنه لأجل إمام وأكبر نحرير، ولا سيما في حديث وعربية وتفسير، وأقول فيه قول من يختصر في ذكره، ويصدق سنة فكره، هو مالك أزمة علو اللسان، وإمام تفسير الحديث والقرآن، والمعول عليه في مذهب مالك بالإجماع والمشار إليه مهما ذكر علم العربية في سائر البقاع، سمعت عليه كثيرا أول الأمر عند ورودي لذلك الثغر، فلما قفلت في العودة ظننته بعض العدة وقلت: العماد مشتق من العمدة، فاستأذنت عليه بأبيات ارتجلتها، وأقمت بباب منزله وأرسلتها وهي:

وارد جاء لاثم لك تربا ... أصدق الناس في جلالك حبا

طبق الأرض من ثنائك شرقا ... وسيملي مسامع الأرض غربا

طلب الأذن أن يراكم بديها ... ثم إن شئت زاد أوزار غبا

أتراكم أسعفتموه لقاء ... أم تراه عن بابكم بان صبا

<<  <   >  >>