ثم إن مالكا توفي وولي الملك ابنه نبتا في طاعة الملك أيمن بن الهميسع ابن حمير، قال ثم إن نبتا أوصى ابنه ثور، أبو كندة، والغوث أبو الأزد، وذكروا أن الغوث بن نبت حفظ وصية أبيه، وعمل بها وثبت عليها، وتقلد أعمال أبيه من الأطراف والثغور في طاعة زهر بن أيمن، وكتب إلى العمال فسمعوا له وأطاعوا، ودفعوا الإتاوات إليه.
ثم إن الغوث جرد ابنه الأزد إلى الأحياء من مأرب وما حولها وأمرهم، بالسمع والطاعة له، وذكروا أن مأرب سمعت للأزد، وأطاعت له بعد أبيه الغوث، وولى ما كان يتولاه أبوه زهير بن أيمن من الأطراف والثغور، ورفعت إليه الإتاوة وجبيت لوالى بيت الملك. وكان لكل ملك الإطراف والثغور عامل من عمالها يقلد عمله الأرشد فالأرشد من ولده، واخوته، وبنى عمه، يرفع الإتاوة، ويسمع، ويطيع، ويجبي الرسوم كشأن من مضى قبله في طاعة من تقلد الأطراف، من كهلان.
ثم مأرب بن الأزد ولى الأطراف والثغور بعد أبيه الأزد، وكان عريب بن زهير قد مات، وولى الملك بعد ابنه قطن، ثم مأرب بن الأزد ولى عريبا بن زهير حين توفي، في أبيات قالها.
ثم إن مأرب بن الأزد جرد أخاه نصر بن الأزد، إلى الشحر في الخيل والعدد، وذكروا أن نصر بن الأزد سار إلى الشحر حتى نزلها، ودفعوا إليه الخراج، ومن عقبه الجلند بن كركر بن السعبر بن مسعود ملك عمان، الذي كان يأخذ كل سفينة غضبا. وظل الملك ثابتا في آل جلند يجبي إليهم في دار مملكتهم ما كان يجبي إلى الجلند.
وذكروا أن مأرب بن الأزد وصى ابنه ثعلبة بن مأرب بن الأزد في أبيات شعر. ثم إن ثعلبة بن مأرب بن الأزد حفظ وصية أبيه، وثبت عليها، وأطاع الملك قطن بن عريب، وتقلد الأعمال التي كان يتقلدها أبوه مأرب، وكتب إلى عماله في الثغور والأطراف فسمعوا له، وأطاعوا، ودفعوا الإتاوات إليه، ثم إن ثعلبة بن مأرب جرد أحمس بن عوف بن أنمار بن أراش بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان إلى الطور، وهي البلاد التي يقال لها السراة بين بواء والطائف وجرش، ثم إن أحمس ومن تبعه من حمير وكهلان نزل السراة وملكها، قال في وصايا الملوك: فسأل أبا على الحجري، عمن خرج من أنمار بن أراش، فقال أقيل بن أنمار وبقاياهم، شهران وكوف وناهس والأوس ومعد بن بجيلة بن أنمار بن أراش.
وهذه القبائل تعرف: ببجيلة وخثعم. وقحافة بطن من شهران. ثم إن ثعلبة ابن مأرب حفظ وصية أبيه وثبت عليها، ثم إن ثعلبة وصى أبنه امرأ القيس، ثم إن امرأالقيس ب ثعلبة بن مأرب بن الأزد حفظ وصية أبيه، وثبت عليها، وولى الأطراف والثغور بعد أبيه، في طاعة الملك الغوث بن قطن بن عريب، ثم قلد ابنه حارثة ذا الأحساب ويقال إن القطريف بن امريء القيس قلده الثغور والأطراف، التي كان يتقلدها في طاعة الملوك من حمير، ثم إن حارثه ولى الأطراف والثغور في حياة أبيه، وبعد وفاته في طاعة الملك عمرو بن جشم بن عبد شمس، وفي طاعة الملك القطاط بن عمرو. وعمر حارثة زاد على نيف وثلاثمائة سنة. ثم إنه وصى ابنه عامر بن حارثة، وذكروا أن عامر بن حارثة ثبت على وصية أبيه وعمل بها بنوه وبنو قومه، وتولى ما كان يتولاه أبوه حارثة من الأطراف والثغور، وذكروا أن عامرا هو الذي تسميه العرب ماء السماء، وماء السماء هذا الذي جرد إلى الشام زيدا وأحياء قضاعة وعقد له الأولوية، وقد سبق خبر زيد في أول هذا الكتاب في نسبة في قضاعة، وذكروا أن ماء السماء عامر بن حارثة ذا الأحساب عمر ثلاثمائة ونيف وستين سنة، وولى الأطراف والثغور لبعض ملوك حمير: القطاط ثم أبرهة بن شداد، ثم إفريقيس بن أبرهة.
وذكروا أنه وصى ابنه المزيقان ابن ماء السماء، وهو عمر بن عامر، ثم إن عمرو بن عامر حفظ وصية أبيه وثبت عليها، وولى الملك بعده، للملوك من حمير من الأطراف والثغور وكتب لعمال أبيه في كل بلد فسمعوا له وأطاعوا، ودفعوا له الإتاوات التي كانوا يدفعونها لأبيه.وذكروا أن عمرو بن عامر كان أيسر أهل زمانه وأكثرهم مالاً وعدداً، وضياع، وكان له ثلثا جنة مأرب، وعمّر عمراً طويلاً، ورزق جماعة من الأولاد، وعاش حتى رأى من نسله، ونسل بنيه، وبني بنيه، سبعة آباء. وذكروا أنه تولى الأطراف والثغور لملوك حمير: لعمرو بن أبرهة، وشرحبيل بن عمرو، والهدهاد بن شرحبيل، مصاهر الجن، أبو بلقيس.