وللدماء على أثوابنا علق ... بنشره عن عبير المسك يغنينا
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفا ... أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا
بيض صنائعنا خضر مرابعنا ... سود وقائعنا حمر مواضينا
لا يظهر العجز منا دون نيل منى ... ولو رأينا المنايا في أمانينا
ومن بطون جديلة بنو لام، وهم بطون وأفخاذ، وهو لام بن عمرو بن طريف ابن عمرو بن مالك بن عمر بن ثمامة بن مالك بن جدعان بن ذهل بن دومان ابن جندب بن خارجة بن جديلة بن سعد بن طيء.
قال الحمداني: ومنازل بنو لام بالجبلين إلى المدينة، وينزلون أكثر أوقاتهم مدينة يثرب، ثم كثروا، وتفرقوا، فافترقت بطونهم من حارثة بن لام، وابنه أوس.
وهم الذين ذكرهم أبو تمام. وكان حارثة بن لام من أوفى الناس جسماً. ومن بطون لام بنو مسروق بطن، وبنو كندي بطن، وبنو أوس بطن، وعتود بطن.
فأما أوس ذكر بن الأثير أنه أوس بن خالد بن حارثة بن لام، وكان يضرب به المثل في الفضل والجود. وكان اسم أمه سعدى بنت حصين الطائية.وكانت سيدة، وكان أوس سيدا مقدما. وذكروا أنه وفد هو وحاتم الطائي على عمرو بن هند ملك الحيرة فدعا أوس، فقال أنت أفضل أم حاتم؟ فقال أبيت اللعن، لو ملكني حاتم أنا وولدي لما كان عجبا، ثم دعا حاتم فقال له أنت أفضل أم أوس؟ فقال له أبيت اللعن، ولأحد ولده أفضل مني. إنما ذكرت بأوس.
وكان النعمان بن المنذر قد دعا بحلة، وعنده وفد العرب من كل حي، فقال احضروا من الغد؛ فسألبس هذه الحلة أفضلكم وأكرمكم. فحضروا جميعا إلا أوس. فقيل له: لم تتخلف؟ فقال: إن كان المراد غيري فأجمل الأشياء إلا أكون حاضرا. وإن كنت المراد فسأطلب، فلما جلس النعمان لم ير أوسا فقال اذهبوا إلى أوس فقولوا له: احضر آمنا مما خفت منه، فحضر وألبسه الحلة، فحسده قومه فقالوا للحطيئة: اهج أوسا ولك ثلاثمائة ناقة، قال فكيف أهجو رجلا وما في بيتي زاد ومتاع إلا من عنده؟ ثم أنشأ يقول:
كيف الهجاء وما تنفك صالحة ... من آل لام بظهر الغيب تأتيني
فقال لهم بشر بن أبي حازم من بني أسد بن خزيمة أنا أهجوه، فأعطوه الإبل. قال ابن الأثير فهجاه وذكر أمه سعدى، فلما بلغ أوس ذلك أغار عليه فاكتسح الإبل؛ وهرب بشر إلى بني أسد. وكان لا يستجير بأحد إلا قالوا أجرناك إلا من أوس. ولجأ إلى عشيرته بني أسد وكرهوا أن يسلموه لأوس، فجمع أوس قومه جديلة وسار بهم إليهم ولحقهم بظهر الدهناء، فاقتتلوا قتالا شديد، فانهزمت أسد؛ فهرب بشر فجعل لا يأتي على حي يطلب جوارهم إلا امتنع، ثم نزل على جندب بن حصين الكلابي فأرسل إليه أوس يطلب منه بشرا، فأرسله إلى أوس، فلما قدم به على أوس أشارت عليه أمه سعدى أن يحسن إليه، ويرد عليه الإبل، ويعفو عنه، فقال له أوس يا بشر ما ترى أني صانع بك؟ فأنشد بشر أبيات شعر يمدح فيها أوس، فرد عليه أوس إبله وأعطاه من ماله مائة ناقة، فقال بشر: لا جرم، لا مدحت أحدا غيرك حتى أموت. وفضل أوس بين العرب مشهور.
وقد حكى أن الحارث بن عوف المرّي سيد ذبيان قال يوما لأخيه خارجة: أأخطب إلى أحد فيردني؟ قال نعم، أوس بن حارثة بن لام سيد طيء قال الحارث لغلامه: ارحل بنا إليه، فرحل الحارث وأخوه خارجة وغلامه. قال فخرجنا نؤم بلاد طيء ترفعنا الطريق طورا، حتى أتينا ديار طيء فوجدنا أوسا خارج الحي فرحب بنا، وقال ما جاء بك يا حارثة؟ قال جئتك خاطبا، قال لست هناك. وانصرف مغضبا فلم يكلمنا فانصرفنا راجعين.