للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه ما نصّ عليها الشارع بخصوصها، كالصيام في عاشوراء وغيره مما تقدّم، وكالقيام في رمضان.

فإن قيل: فعلى هذا لا يمتنع صوم يوم الجمعة وحده إذا وافق يوم نذرٍ مثلًا أو نحو ذلك، فيما إذا لم يكن تخصيصه بالصيام تحرّيًا لفضله، وإنما وقع اتّفاقًا.

فالجواب: أن هذا محتمِل إلا أن الأظهر أنه يمتنع أيضًا سدًّا للذريعة؛ لأن الجهّال إذا رأوا عالمًا خصَّ يوم الجمعة بصيام توهّموا أنه إنما خصّه لفضله، فيتتابعون في تخصيصه، بخلاف ما إذا رأوا عالمًا خصّ يوم الثلاثاء مثلًا، فإنه ليس ليوم الثلاثاء فضيلة تُوقع في أنفسهم أنه إنما خصّه لأجلها. فأما صيام يوم الخميس وحده، فإنما لم يُمنع لأنه مرغَّب فيه شرعًا.

والحاصل أن يوم الجمعة يوم فاضل في الشرع، ولكن لا بالنسبة إلى صيامه وقيام ليلته، بل بالنسبة إلى غير ذلك من العبادات المشروعة فيه. فنهى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن تخصيصه بالصيام والقيام؛ لأن تخصيصه إن كان عن اعتقاد أفضليّتهما فيه فهو خطأ، وإن كان اتفاقًا خشي أن تتوهّم العامة أفضليّتهما فيه. والله أعلم.

وبهذا يُعلم أن ما يفعله كثير من الناس من تخصيص يوم الجمعة بالصدقة بدعة؛ لأنه لم يثبت ذلك. وأيضا فإن تخصيصه بالصدقة مناقض للمصلحة الشرعية؛ لأن حاجة الفقراء لا تختص بوقت دون وقت، فلتكن الصدقة كذلك.

وأيضًا إذا علم الفقراء من رجلٍ أنه يخصِّص يوم الجمعة أدّى ذلك إلى

<<  <   >  >>