للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كأنَّما البدرُ لمَّا أنْ بدا كملاً ... والغيمُ يحسبهُ طوراً ويطلقهُ

وجهُ الحبيبِ عتابي ظلَّ يلبسهُ ... ثوبَ الحياءَ ولعتابي يمزِّقهُ

حكي أنه لما شهد أبو علقمة المري عند عبد الله بن نوار القاضي، ووقف في قبول شهادته، فقال له: لم وقفت في قبول شهادتي وإجرائها؟ قال: بلغني انك تلعب بالكلاب، والصقور، قال: من أخبرك أني جاد في الصيد بها غير لاعب؟ فهل وقف المخبر لك على فرق ما بين الجد، والهزل، قال: لا، ثم أجاز شهادته. لأبي علي بن شبل: [الطويل]

فمنْ مبصرٍ أمراً تحامى دلوجهُ ... ومن والجٍ فيه درى كيفَ يخرجُ

واحرَّ لاَ منْ ذاولاَ ذاكَ خابطٍ ... لعشواءِ ليلٍ دونها الباد مريحُ

يروى أنه بالمدينة امرأة جميلة فنظرت في المرأة، وقالت: لزوجها هل أحد من الناس يرى هذا الوجه، فلا يفتنن به؟ قال: نعم، عبد الله بن عمر بن الخطاب، قالت: فتأذن لي، حتى أفتنه؟ قال: نعم، فأتته كالمستغيثة له، فاستحلت معها في ناحية المسجد، ثم سفرت له عن وجهها، وهي في غاية الحسن، والجمال.

فقال لها: اتقي الله يا أمة الله، قالت: إني قد فتنت بك فانظر في أمري، فقال إني سائلك الله عن شيء فإن صدقت فعلت، قالت، وما هو؟ قال: أخبريني لو أن ملك الموت دخل عليه لقبض روحك أكان يسرك قضيت لك حاجة؟ قالت: لا، قال: فاتقي الله يا أمة الله، فقد أنعم عليك، وأحسن إليك.

قالوا: فرجعت إلى زوجها، فقال لها: ما صنعت؟ قالت: نحن، والله بطالون، ثم أقبلت على الصوم، والصلاة، والعبادة، فكان زوجها يقول: ما لي ولعبد الله بن عمر أفسد علي زوجتي كانت عروسة صارت راهبة، للهذلي: [البسيط]

لوْ كانَ للدَّهرِ مالٌ كانَ متلدهِ ... وكانَ للدَّهرِ صخرٌ مالِ قنانِ

آبي الهضميةٍ نابٍ بالعظيمة ... متلاف الكريمةُ لا سقطُ، ولا وانِ

رباءُ مرقبة قوال محكمة ... دفّاعُ مفلتةُ قطَّاعُ أقرانِ

حامي الحقيقةِ نسَّالُ الوديعةِ ... معتاقُ الوسيقة جلدُ غير ثنيانِ

سهَّادُ انديةٍ حمَّالُ ألويةٍ ... هبَّاطُ أوديةٍ سرحانُ فتيانِ

يحمي الصِّحابَ إذا سالَ البرزُ ... ويكفي القائلين إذا ما كبلَ العاني

ويتركُ القرنَ مصفرَّاً أناملهُ ... كأنَّ في ريطتيهِ نضخُ أرقانِ

يعطيكَ ما لا تكادُ النفسُ تسألهُ ... منَ البلاد وهوبٍ غيرُ منَّان ِ

كان رجل يسمى وثاباً وسمي كلبه عمرو فقيل له فيه: [الرجز]

لو هيأ لهُ الله منَ التوفيق أسباباً ... لسمَّى نفسهُ عمروُ وسمَّي الكلبُ وثابا

للأصمعي قال: حدثني العلاء بن أسلم، قال: عزمت على الخروج إلى مكة، فجاءني أسلم بن عقبة، وكان أخا ذي الرمة غيلان، فقال لي: يا ابن أخي إنك تريد سفراً يحضر الشيطان فيه حضوراً لا يحضر في غيره.

فاتق الله وصل الصلاة في وقتها تصليها لا محالة، وهي تنفعك، واعلم أن لكل رفقة كلب ينبح عليهم، أن كان عاداً تقلده دونهم، فلا تكونن كلب الرفقة. كان مطرف بن عبد الله يكره أن يقول: للكلب اخسأ، ومن دعائه على قوم لا يمنعون كلابهم من دخول مصلاهم، اللهم احرمهم بركة صيدهم. أعرابي يذم رجلاً: [الطويل]

نزلنا بعمارَ فأشلا كلابهُ ... علينا فكدنا بينَ بيتيهِ نوكلُ

فقلتُ لأصحابي اسرِّ إليهمُ ... إذا اليومَ أمْ يومُ القيامةِ أطولُ

آخر يذم رجلاً: [الكامل]

ولقدْ دخلتُ على زيادِ مرَّةً ... فظنتهُ ممَّنْ يضرُّ وينفعُ

فإذا زيادٌ في الرِّجالِ كأنَّه ... مشطٌ يقلَّبهُ خصيٌ أصلعُ

قال الخبر أرزي حدثنا شيخ أديب من أهل البصرة أنه خرج يوماً من لبغداد إلى موضع بها تسمى كرخايا، قال فوصلت إلي عبارة الياسمين، فجلست أتنسم الهوى، وإذا بفتى عليه أطمار رثة ومعه دفاتر ومحبرة ينسخ، فقلت يا فتى: مع هذا الجمال، والحسن أنت بهذا الشقاء فنظرتي نظر متعجب مني وقال: شقائي هذا أحلى طعماً.

وأحمد عافية في الأولي، والآخرة من تنعمك، فقلت، وما دليلك على قولك؟ قال لأنك تذل، ولا أذل، وتراقب، ولا أراقب، وتخدم، ولا أخدم، وتطمع، ولا أطمع، وأغدو، وأروح خالي البال قليل الأشغال، ثم قام فكتب على ساج العبارة:

<<  <   >  >>