اعتنق رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفراً، واصحابه لما قدموا من الحبشة. وقبله بين عينيه. قال العباس بن أبي الفرج الرياشي، أول من عانق إبراهيم، خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم وذكر عن تميم الداري أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معانقة الرجل للرجل إذا لقيه فقال: كانت تحية الأمم، وخالص ودهم أن أول عانق إبراهيم، وقبل ذلك، كان السجود، هذا لهذا، ثم جاء الله بالصفاح مع الإسلام، لم يسج، ولم يعانق، ولا تفرق الأصابع، حتى يغفر الله لكل مصالح، ولما قدم عمر الشام، تلقاه أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما على حمار خطوم بجبل من ليف، فنزل أبو عبيدة ونزل عمر، فقال عمر مرحباً برجل لم تضره الدنيا واعتنقه وجلسا يتباكيان، لابن أبي فنن: [المتقارب]
خلوت فعانقتها ليلة ... على مثلها يحسد الحاسد
كأنا وثوب الدجى مسبل ... علينا لمبصرنا واحد
وكفى يجول علي خصرها ... وخدي على خدها راكد
فإن هي عادت إلى وصلها ... فكن ضامناً أنني عائد
لابن أبي مرة المكي: [الخفيف]
وليس عندي النوى بعظيم ... فيه همي وفيه كشف همومي
من يكن يكره الفراق فإني ... أشتهيه لموضع التسليم
إن فيه اعتناقه لوداع ... وانتظار اعتناقه لقدوم
ولكم قبلة وغربة شهر ... هو خير من امتناع مقيم
للحسين بن الضحاك: [المنسرح]
واجهني إذ بدا بلوغه لا ... وعاد من بعدها إلى نعم
أباحني صوته ووسدني ... إحدى يديه وبات ملتزمي
فبت في ليلة نعمت بها ... ألثم دراً مفلجاً بفم
[في تقبيل اليد]
أسامة بن شريك، قال: قمنا إلى رسول الله فقبلنا يده، وقال عمر: قبلنا يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن عباس: صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم معروفاً إلى رجل فقبل يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس مرات.
وقال بريدة إن أعرابياً قال يا رسول الله ائذن لي فأقبل رأسك، ويدك فأذن له ففعل، وقال صفوان بن عسال: إن قوماً من اليهود، قبلوا يد النبي صلى الله عليه وسلم وكعب بن مالك لما نزلت توبته، وقال أبو شذب لما قدم أبو مسلم البصرة، قال: قد لقي أبو عبيدة وعمر بن الخطاب، قبل يديه، فقبل أتشبه أبا مسلم بعمر بن الخطاب، فقال أتشبهوني أنا بأبي عبيدة.
وصلى زيد بن ثابت على أمه، ثم قدمت إليه دابته فأخذ ابن عباس بركابه، فقال زيد بدعة فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أخرج يدك، فأخرجها ابن عباس فقبلها زيد وقال هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم.
وقال سليم بن عبد الحميد، رأيت يزيد بن المهلب، قبل يد الحسن، فأخذ له بالركاب وسوى له ثوبه.
قال سليم فذكرت ذلك لسوار بن عبد الله، فقال: تلك فضيلة ليزيد بن المهلب، ولما قدم المهلب بن أبي صفرة خراسان. جاءته عجوز من الأزد متوكئة على عصا، فقالت: السلام عليك يا أبا سعيد إني نذرت إن رأيت أن أقبل يدم، وأن تهب لي جارية، فناولها يده فقبلتها ثم أمر لها بجارية، وقال يا عمة إياك ومثل هذه النذر، فليس في كل حين تجدين من يبر نذرك.
وقال أبو بكر بن خلاد: رأيت الفضيل بن عياض، قبل يد حسين بن الجعفي يحيى، قال: إن له حقاً علي علمني القرآن. وقيل: أنه دخل رجل من أهل الكوفة على بعض خلفاء بني أمية فقال: يا أمير المؤمنين: يدك أحق بالتقبيل لعلوها في المكارم وطهورها من المآثم، فأنت تمني بقلة التثريب، وتؤثر الصفح عن الذنوب، فمن أرادك بأمر، رده بسوء فجعله الله حصيد سيفك وطريد خوفك.
لابن الرومي في عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: [الطويل]
مقبِّل ظهر الكف وهَّابٌ بطنها ... له راحة فيها الحطيم وزمزم
فظاهرها للناس ركن مقبل ... وباطنها عين من العرق غيلم
لإبراهيم بن العباس الصولي في الفضل بن سهل:
لفضل بن سهل يد تقاصر عنها المثل ... منبسطها للغنى وسطوتها للأجل
وباطنها للندى وظاهرها للقبل
ومنه أخذ ابن الرومي قوله: [الكامل]
أصبحت بين خصاصة وتجمل ... والمرء بينهما يموت هزيلا
فامدد إلي يداً تعود بطنها ... بذل النوال وظهرها التقبيلا