للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عن أحمد الدردير أنه ردد الذكر ستة أشهر حتى أحرق الذكر جسمه , وأذهب لحمه ودمه حتى صار مجرد الجلد على العظم) (١).

وذكر الدريني عبد العزيز الصوفي المتوفى ٦٩٧هـ عن داود بن أبي هند أنه

(صام أربعين سنة لم يعد الناس عنه ولا أهل بيته , وكان يؤتى بالإناء ناقصاً فيتمه بالدموع) (٢).

ويذكر الطوسي عن أبي عبد الله الصبيحي أنه:

(لم يخرج ثلاثين سنة من بيت من تحت الأرض) (٣).

ويذكر فريد الدين العطار عن الصوفي المشهور أبي بكر الشبلي أنه (كانت في يده قضيب يضرب به فخذه وساقه حتى تبدد لحمه (٤) وتناثر) (٥).


(١) سيدي أحمد الدردير للدكتور عبد الحليم محمود ص ٧٦ ط القاهرة ١٩٧٤ م.
(٢) طهارة القلوب لعبد العزيز الدريني ص ٢٠٩ وما بعد ط مصطفى البابي الحلبي ١٩٧١ م.
(٣) اللمع للطوسي ص ٥٠٠.
(٤) كل ما ذكرناه حتى الآن وأوردناها من عبارات وشواهد وشهادات , لم نذكرها ولم نوردها إلا عن التصوف المعتدل , والصوفية المعتدلين , أو المتصوفة الذين أتفق على كونهم من هذه الطائفة قاصدين متعمدين , وإلا مانقل عن المتطرفين الغلاة أو الذين اختلف في أمرهم فكثير مثل ما ذكر الغزالي عن الحلاج أنه قيّد نفسه من كعبه إلى ركبته بثلاثة عشر قيدا , وكان يصلي مع ذلك كل يوم وليلة ألف ركعة (انظر مكاشفة القلوب للغزالي ص ٣٠ تحقيق عبد الله أحمد أبو زينه ط القاهرة).
وحكي عن الترمذي الملقب بالحكيم أنه قال:
ألهمت منع الشهوات ... حتى ربما أمنع نفسي الماء البارد , وأتورع عن شرب ماء الأنهار ... ووقع علىّ حب الخلوة في المنزل والخروج إلى الصحراء , فكنت أطوف في الخربات والنواويس , واعتصمت بها (انظر رسالة بدوّ شأن أبي عبد الله للحكيم الترمذي من مجموعة ختم الأولياء تحقيق عثمان إسماعيل يحيى ص ١٥ ط المطبعة الكاثوليكية بيروت).
وذكر الشعراني عن ابن عربي: أنه كان رضي الله عنه أولا من الموقعين عند بعض ملوك المغرب, ثم إنه طرقه طارق من الله عز وجل , فخرج في البراري على وجهه إلى أن نزل في قبر. فمكث فيه مدة. ثم خرج من القبر يتكلّم بهذه العلوم التي نقلت عنه , ولم يزل سائحا في الأرض يقيم في كل بلد بحسب الإذن , ثم يرحل منها (انظر اليواقيت والجواهر للشعراني ج١ ص ٦ , ٧ ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة).

وأما ابن الفارض فيقول عنه ابنه:
سمعت والدي ابن الفارض: كنت في أول تجريدي أستأذن أبي وأطلع إلى وادي المستضعفين بالجبل الثاني من المقطم وآوي فيه , وأقيم في هذه السياحة ليلا ونهارا (انظر جمهرة الأولياء لمحمود أبي الفيض المنوفي الحسيني ج ٢ ص ٢٤٦ ط القاهرة ١٣٨٧ هـ).
وعلى ذلك قال ابن عربي: إن التصوف طريق الشدة , ليس للرخاء فيه مدخل (الأمر المحكم المربوط لابن عربي الملحق بذخائر اعلاق له أيضا ص ٢٦٨ بتحقيق محمد عبد الرحمن الكروي ط القاهرة).
(٥) تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار ص ٣٠٥ ط باكستان , أيضا طبقات الشعراني ج١ ص ٨٨.

<<  <   >  >>