للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويقول صوفي متقدم لسان الدين بن الخطيب:

(ومن الهنود الذي وضع لهم الحكمة المصلحية , الشلم , والمهندم , والبرهمان , والصولية , والبردة , والزهاد , والعباد , ورجال الرماد , وأصحاب الفطرة , وهم يهجرون اللذات الطبيعية جملة , ويكثرون الجوع والرياضة , عشاق فيما ولّوا وجوههم شطره) (١).

وقال الآخر ما خلاصته:

(وشك أن ابن عربي في مدرسة وحدة الوجود وسوابق بذورها في مدرسة الحلاج ولواحقها حتى عبد الكريم الجيلي وما بعده قد تأثر بالمصدر الهندي الذي أنطق مذهب الانبثاق الرواقي والفيوضات والصدور عند الأفلاطونية) (٢).

وقال ماسينيون:

(ونجد من ناحية أخرى أن بحث المراحل التي أدّت إلى إدخال الذكر في طرق الصوفية المحدثين تدلنا على تسرب بعض طرائف الهنود إلى التصوف الإسلامي) (٣).

زبمثل ذلك قال أوليري المستشرق الآخر:

(وثمة شبيه هندي للفناء , ولكن ليس في البوذية , وإنما فيما تقول به الفيدانتا من وحدة الوجود) (٤).

ونيلكسون كذلك , فيقول في إحدى مقالاته وهو يتكلم في الفناء الصوفي:

(أما في شرق فارس حيث ظهرت فكرة الفناء لأول مرة ظهورا واضحا , فلا بدّ أنها كانت متأثرة إلى حد كبير بأفكار هندية وفارسية.

ويدل تعريف الصوفية للفناء من الناحية الخلقية بأنه محو الصفات الذميمة , والتخلق بكل خلق حميد , ووصفهم لوسائل قمع الهوى والشهوات , على وجود أثر للفلسفة البوذية فيهم مما لا يدع مجالا للشك , لأن تعريفهم هذا تمام الاتفاق مع تعريف النرفانا.


(١) روضة التعرف بالحب الشريف للسان الدين بن الخطيب ص ٥٤٣ بتحقيق عبد القادر أحمد عطا ط دار الفكر العربي.
(٢) أضواء على التصوف للدكتور طلعت غنام ص ١١٣.
(٣) مقال ماسينيون عن التصوف ص ٤٩ ط دار الكتاب اللبناني بيروت.
(٤) الفكر العربي ومكانته في طريق ترجمة عربية ص ٢٠٠ ط ١٩٦١ م.

<<  <   >  >>