وبقية الركب المشائي أو الصوفي. يقول أفلوطين (وقد حدث مرات عدة أن ارتفعت خارج جسدي بحيث دخلتُ في نفسي , كنت حينئذ أحيا , وأظفر باتحاد مع الإلهي). (يجب على أن أدخل في نفسي , ومن هنا أستيقظ. وبهذه اليقظة أتحد بالله). (يجب عليَّ أن أحجب عن نفسي النور الخارجي لكي أحيا وحدي في النور الباطن)) (١).
ويقر هذا الأمر الدكتور عبد الرحمن بدوي - ولو أنه يختلف مع الدكتور عبد القادر في طرق وصولها إلى الصوفية - حيث أنه يقول تحت عنوان التأثير اليوناني في التصوف:
(وأهم نص في هذا الباب هو كتاب (أثولوجيا أرسطو طاليس) وهو كما نعلم فصول ومقتطفات , منتزعة من التساعات الأفلاطونية , وفيه نظريات الفيض والواحد التي ستلعب دورا خطيرا في التصوف الإسلامي , خصوصا عند السهروردي المقتول وابن عربي , وفيه نظرية (الكلمة) أو اللوغوس.
ولا شك في تأثر الصوفية المسلمين ابتداء من القرن الخامس الهجري بما في (أثولوجيا) من آراء. وإنما الخلاف هنا هو في هل وصل تأثيره إلى التصوف الإسلامي مباشرة , أو عن طريق كتب الإسماعيلية , وكلها حافلة بالتأثر به.
ويتلوه في الأهمية الكتب المنسوبة إلى هرمس .. وشخصية بارزة التأثير عند السهروردي المقتول , وابن عربي. الأول خصوصا في فكرة الطباع التام , التي تأثر بهل كل الإشراقيين بعد السهروردي , والطباع التام هو (النوس). ويسمى أيضا الروجانية والطبيعة الكريمة.
ويتصل به ما يرد من علم الصنعة سواء عند الصنوعيين (الكيماويين) وعند الصوفية المسلمين.
ومن النصوص المهمة المنسوبة إلى هرمس: رسالة هرمس في معاذلة النفس , التي نشرناها في كتابنا: الأفلاطونية المحدثة عند العرب , فهي مناجيات للنفس وتحليل لها , وتأنيب للنفس الأمارة , ودعوة للنفس من أجل التطهر والتقديس.
ومن السهل أن نجد أصداء لها ومشابه في مناجيات الصوفية المسلمين.
ثم إن هناك فصولا منحولة لأفلاطون وسقراط وغيرهما من الفلاسفة اليونانيين
(١) الفلسفة الصوفية في الإسلام للدكتور عبد القادر محمود ص ٣١ , ٣٢ , ٣٣ ط دار الفكر العربي.