للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ونقل الآخرون الكثيرون عنه أيضا أنه قال:

(رفعني مرة فأقامني بين يديه , وقال لي:

يا أبا يزيد , إن خلقي يحبون أن يروك.

فقلت: زيّني بوحدانيتك , وألبسني أنانيتك , وارفعني إلى أحديتك , حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك , فتكون أنت ذاك , ولا أكون أنا هنا) (١).

ونقلوا مثل ذلك عن السري السقطي رواية عن الجنيد أنه قال:

بتّ عند سري ليلة , فقال لي: أنائم أنت؟

فقلت: لا.

فقال: أوقفني الحق بين يديه , فقال: أتدري لم خلقت الخلق؟

قلت: لا. قال: خلقتهم فادّعوا محبتي , فخلقت الدنيا , فاشتغل بها من عشرة آلاف تسعة آلاف , وبقي ألف , فخلقت الجنة فاشتغل بها تسعمائة , وبقي مائة , فسلطت عليهم شيئا من بلائي , فاشتغل تسعون , وبقي عشرة , فقلت لهم: لا الدنيا أردتم , ولا في الجنة رغبتم , ولا من البلاء هربتم , فماذا تريدون؟

قالوا: إنك تعلم ما نريد.

فقال: سأنزل عليكم من البلاء ما لا تطيقه الجبال , أفتثبتون؟

قالوا: ألست أنت الفاعل؟ قد رضينا بذلك. نحمد ذلك بك وفيك ولك.

فقال: أنتم عبادي حقا (٢).

ورووا عن الجنيد أنه قال:

(لي ثلاثون سنة أتكلم مع الله تعالى) (٣).


(١) انظر كتاب اللمع للطوسي ص ٤٦١.
(٢) روضة التعريف للسان الدين بن الخطيب ص ٥٣٧ , ٥٣٨ ط دار الفكر العربي القاهرة.
(٣) طبقات الشعراني ص ٢٠٠.

<<  <   >  >>