للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من لم ير خطأ الشيخ أحسن من صوابه لم ينتفع به) (١).

وبمثل ذلك قال شيخ الأزهر السابق نقلا عن سيده أحمد الدردير أنه قال:

(فالآداب التي تطلب من المريد في حق شيخه أوجبها تعظيمه وتوقيره ظاهرا وباطنا , وعدم الاعتراض عليه في أيّ شيء فعله , ولو كان ظاهره أنه الحرام , ويؤول ما انبهم عليه , وتقديمه على غيره , وعدم الالتجاء لغيره من الصالحين , فلا يزور وليا من أهل العصر , ولا صالحا إلا بإذنه , ولا يحضر مجلس غيره إلا بإذنه , ولا يسمع من سواه حتى يتمّ سقيه من ماء سرّ شيخه) (٢).

فهل هناك ضلال بعد هذا الضلال , وتسفيه للعقول بعد هذا كله؟

ومن رجل جعل شيخا لأكبر جامعة إسلامية وأقدمها في العالم؟

{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} (٣).

ولطرافة كلام الشيخ ننقل ههنا ما كتبه في آداب المريد , فيقول:

(ومن آداب المريد للشيخ: أن لا يكثر الكلام بحضرته ولو باسطه , ولا يجلس على سجادته , ولا يسبح بسبحته , ولا يجلس في المكان المعدّ له , ولا يلح عليه في أمر , ولا يسافر , ولا يتزوج , ولا يفعل فعلا من الأمور المهمة إلا بإذنه , ولا يمسك يده للسلام مثلا ويده مشغولة بشيء كقلم أو أكل أو شرب , بل سلم بلسانه , وينتظر بعد ذلك ما يأمر به , وأن لا يمشي أمامه ولا يساويه في مشي إلا بليل مظلم ليكون مشيه أمامه صونا له من مصادفة ضرر ... وأن يرى كل بركة حصلت له من بركات الدنيا والآخرة فببركته ... وأن يصبر على جفوته وإعراضه عنه , ولا يقول: لم فعل بفلان كذا ولم يفعل بي كذا , وإلا لم يكن مسلما له قيادة: إذ من أعظم الشروط تسليم قيادة له ظاهرا وباطنا ... وأن يجعل كلامه على ظاهره فيمتثله إلا القرينة صارفة عن إردادة الظاهر , فإذا قال له: اقرأ كذا , أو صلّ كذا , أو صم كذا وجب عليه المبادرة , وكذا إذا قال له وهو صائم: أفطر وجب عليه الفطر , أو قال: لا تصلّ كذا إلى غير


(١) الأنوار القدسية للشعراني ج١ ص ١٧٥ , ١٧٦.
(٢) انظر كتاب سيدي أحمد الدردير للدكتور عبد الحليم محمود ص ١١٩ ط دار الكتب الحديثة القاهرة.
(٣) آل عمران ٨.

<<  <   >  >>