للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فهذه العبارات كلها لم تكن مقتبسة منقولة من التشيع وبل إنها شيعية وصرفة.

وبعد هذا كله نريد أن نبيّن توغل الصوفية في علم الباطن وعلاقتهم به , وسبب إلتجائهم إليه , فنقول:

(إن الصوفية يقولون: إن علم الباطن المسمى بعلم القلب وبعلم التصوف , علم جليل شريف نفيس , وهو أجلّ العلوم وأشرفها , وهو الزبدة الممخوضة من الشريعة التي لم تبعث الأنبياء عليهم السلام إلا لأجلها ... وهو علم طريق الآخرة , وهو العلم الذي درج عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم , وهو العلم الذي لم يبعث الله الأنبياء إلا لأجله. وقد سماه الله تعالى في كتابه فقها وعلما وضياء ونورا وهدى ورشدا , وهو مستخرج من القرآن والسنة , ومدلول عليه منهما نصّا وتصريحا وتلويحا وكتابة وإشارة وغير ذلك من أصناف الدلالة.

قال الغزالي: علم الباطن هو علم يقين المقربين , وثمرته الفوز برضا الله تعالى , ونيل سعادة الأبد , وبه تزكية النفس وتطهيرها , وتنوير القلب وصفاؤه بحيث ينكشف بذلك النور أمور جليلة , ويشهد أحوالا عجيبة , ويعاين ما نمت عنه بصيرة) (١).

وقالوا:

(هل ظاهر الشرع وعلم الباطن ... إلا كجسم فيه روح ساكن

والعلم الظاهر هو علم العبودية ... والعلم الباطن هو علم الربوبية) (٢).

وقالوا:

(لا تجعلوا أحدا من أهل الظاهر حجة على أهل الباطن) (٣).

وخلاصة هذا أن علم الباطن هو التصوف بعينه , وهو ما أشار الكلاباذي نقلا عن عبد الواحد بن زيد أنه قال:

(سألت الحسن عن علم الباطن فقال: سألت حذيفة بن اليمان عن علم الباطن فقال: سألت رسول الله عن علم الباطن فقال: سألت جبريل عن علم الباطن فقال: سألت الله عز وجل عن علم الباطن فقال هو سرّ من سرّي , أجعله في


(١) حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبب لعماد الدين الأموي ج١ ص ٢٥٩ , ٢٦١ بهامش قوت القلوب لأبي طالب المكي. ط دار صادر بيروت.
(٢) الفتوحات الإلهية لابن عجيبة ص ٣٣٣.
(٣) قواعد التصوف.

<<  <   >  >>