للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(اعرف الله وكن كيف شئت) (١).

هذا ولقد ورد في كتب الصوفية حكايات كثيرة لا تعدّ ولا تحصى , تدل على إتيان المتصوفة المنكر , وإباحتهم المحظورات , وتركهم الواجبات , ومع ذلك عدّوهم من أو لياء الله وكبار المستجابين عند الرب تبارك وتعالى عما يقوله الأفاكون علوا كبيرا , عن أن يختار الفسقة الفجرة أولياءه وأصفياءه.

منهم من ذكره (القطب الرباني والهيكل الصمداني العارف بالله عبد الوهاب الشعراني) في طبقاته ذكر أن سيده علي وحيش (كان رضي الله عنه من أعيان المجاذيب أرباب الأحوال , وكان يأتي مصر والمحلة وغيرهما من البلاد , وله كرامات وخوارق , وأجتمعت به يوما في خط ما بين القصرين , فقال لي: ودّيني للزلباني فودّيته له , فدعا لي وقال: الله يصبرك على ما بين يديك من البلوى.

وأخبرني الشيخ محمد الطنيخي رحمه الله تعالى قال: كان الشيخ وحيش رضي الله عنه يقيم عندنا في المحلة في خان بنات الخطا , وكان كل من خرج يقول له: قف حتى أشفع فيك عند الله قبل أن تخرج , فيشفع فيه , وكان يحبس بعضهم اليوم واليومين ولا يمكنه أن يخرج حتى يجاب في شفاعته , وقال يوما لبنات الخطا: أخرجوا فإن الخن رائح يطبق عليكم فما سمع منهن إلا واحدة , فخرجت , ووقع على الباقي فمتن كلهن.

وكان إذا رأى شيخ بلد وغيره ينزله من على الحمارة ويقول له: أمسك رأسها لي حتى أفعل فيها , فإن أبى شيخ البلد تسمّر في الأرض لا يستطيع أن يمشي خطوة , وإن سمع حصل له خجل عظيم والناس يمرون عليه , وكان له أحوال غريبة) (٢).

وماذا نستطيع أن نقول بعد سرد هذه الرواية عن الشعراني , ثم مدحه لمثل هذا الفاجر الخبيث , وجعله من أعيان المجاذيب , وأرباب الأحوال , وصاحب الكرامات والخوارق , ومستجاب الدعوات , مأذونا بالشفاعة عند الله , وليس مأذونا فحسب بل شفيعا مقبولا , مبشرا بقبول شفاعته فيمن أراد أن يشفع فيهم , وهل هناك استهزاء بالشريعة , وتعطيل لحدود الله , وتلاعب بأوامر الله ونواهيه , زندقة وإلحاد , وفسق وفجور أكبر من هذا؟


(١) المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي ص ٥٣. ط القاهرة.
(٢) طبقات الشعراني ج٢ ص ١٥٠ , ١٥١.

<<  <   >  >>