للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مختلفة وتحل قوتها في أبعاضه بأحوال متباينة توجب التغاير مع الاتحاد , فكان فيهم من يقول أن المنصرف بكليته إلى العلة الأولى متشبها بها على غاية إمكانه يتحد بها عند ترك الوسائل وخلع العلائق والعوائق وهذه أراء يذهب إليها الصوفية لتشابه الموضوع وكانوا في ألأنفس والأرواح أنها قائمة بذواتها قبل التجسد بالأبدان معدودة مجندة تتعارف وتتناكر) (١).

وبهذا القول قال فون هامر المستشرق الألماني , وعبد العزيز إسلامبولي , ومحمد لطفي جمعه من الحديثين (٢).

بسبب المشابهة الصوتية بين كلمة (صوفي) والكلمة اليونانية (صوفيا) , وكذلك لوجه الشبه الموجود بين كلمة (تصوف) , (تيوصوفيا) , وأن كلمتي صوفي وتصوف أخذتا من الكلمتين اليونانيتين (سوفيا) و (وتيوسوفيا) إلا أن نولدكه أثبت خطأ هذا الزعم كما كما أيده في ذلك نيكلسون , وما سينيون , وبالاضافة إلى البراهين القوية الأخرى التي أقامها نولدكه , فإنه يدلل على أن (س) اليونانية نقلت إلى العربية كما هي سينا , لا صادا كما أنه لا يوجد في اللغة الآرامية كلمة تعد واسطة لانتقال سوفيا إلى الصوفي) (٣).

فهذا هو الاختلاف الواقع في أصل لفظة التصوف واشتقاقها , ولذلك اضطر الصوفي القديم علىّ الهجويري المتوفى سنة ٤٦٥ هـ إلى أن يقول:

(إن اشتقاق هذا الاسم لا يصح من مقتضى اللغة في أي معنى , لأن هذا الاسم أعظم من أن يكون له جنس ليشتق منه) (٤).

وبمثل ذلك قال القشيري في رسالته:

(ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق) (٥).

كما أنه مما لاشك فيه أنه لا يصح ولا يستقيم اشتقاقه من حيث اللغة إلا من


(١) الكتاب المذكور ص ١٦ ط ليبزك نقلا عن تاريخ التصوف في الإسلام ترجمة عربية لصادق نشأت ص ٦٧ , ٦٨.
(٢) انظر التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق لزكي مبارك ج ١ ص ٥١ ط دار الجيل لبنان , أيضا أبحاث في التصوف للدكتور عبد الحليم محمود ص ١٥٣.
(٣) انظر تاريخ التصوف في الإسلام للدكتور قاسم غني ترجمة عربية ص ٦٧ , ٦٨.
(٤) كشف المحجوب للهجويري ترجمة عربية دكتورة أسعاد عبد الهادي قنديل ص ٢٣٠ ط دار النهضة العربية بيروت ١٩٨٠ م.
(٥) الرسالة القشيرية لعبد الكريم القشيري ج٢ ص ٥٥٠ دار الكتب الحديثة القاهرة.

<<  <   >  >>