للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالزوجة , ومن أنس بغير الله شغل عن الله تعالى) (١).

هذا ومثل هذا كثير.

ولقد بوب الصوفية في كتبهم أبوابا مستقلة في مدح العزوبة وذم التزويج , وهذا الأمر لا يحتاج إلى بيان أنه لم يأخذه المتصوفة إلا من رهبان النصارى ونساك المسيحية الذين ألزموا أنفسهم التبتل , خلافا لفطرة الله التي فطر الناس عليها.

تقليدا لهم واتباعا لسنتهم , واقتداء لمسالكهم ومشاربهم , مخالفبن أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم الناسخ لجميع الشرائع والأديان , المبعوث بمكارم الأخلاق وفضائل العادات , فالله يأمر المؤمنين في محكم كتابه بنكاح النساء مثنى وثلاث ورباع وعند الخوف من عدم العدل بواحدة , فيقول جل من قائل:

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} (٢).

وقال {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (٣).

وجعل الزواج سببا لحصول السكون والطمأنينة حيث قال عز وجل:

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}

ورسوله صلوات الله وسلامه عليه يحذر المعرضين عنه في حديث طويل أورده البخاري ومسلم من حديث أنس من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال:

(إن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي عليه السلام عن عمله في السر فأخبرهم فقال بعضهم: لا آكل اللحم , وقال بعضهم: لا أتزوج النساء , وقال بعضهم: لا أنام على فراش , وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر , فحمد الله النبي عليه الصلاة والسلام وأثنى عليه , ثم قال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا , لكني


(١) انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي ص ٢٨٦.
(٢) سورة النساء الآية ٣.
(٣) النور ٣٢.

<<  <   >  >>