للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإن الحمد بن حماد السرخسي , الذي كان رفيقي في ما وراء النهر , رجلا محتشما , قيل له: أبك حاجة إلى التزويج , قال: لا , قالوا: لم؟ قال: إنني في حالي إما أن أكون غائبا عن نفسي , وإما أن أكون حاضرا بنفسي. وحين أكون غائبا لا أفكر في الكونين , وحين أكون حاضرا فإنني أجعل نفسي بحيث إذا وجدت رغيفا تعتبر أنها وجدت ألفا من الحور. فانشغال القلب بكل ما تريده يكون عظيما , فتنبه) (١).

وذكر السراج الطوسي أيضا قصة صوفي تزوج من امرأة فبقيت عنده ثلاثين سنة وهي بكر (٢).

وذكر العطار عن عبد الله بن خفيف الصوفي المشهور أنه تزوج أربعمائة امرأة ولكنه لم يجامع واحدة منهن (٣).

وهل لسائل أن يسأل: ما الغرض الذي كان من نكاحه إياهن؟.

والشعراني أيضا عن صوفي آخر ياقوت العرشي أنه تزوج ابنة شيخه أبي العباس المرسي فمكثت عنده ثماني عشرة سنة لا يقربها حياء من والدها ومنها , وفارقها بالموت وهي بكر (٤).

ونقل عن الشعراني أيضا عن أحد المتقدمين من الصوفية مطرف بن عبد الله الشغير المتوفى سنة ٢٠٧ هـ أنه قال:

(من ترك النساء والطعام فلابد له من ظهور كرامة) (٥).

ونقل أيضا في كتابه (تنبيه المغتربين) من أحد الصوفية أنه قال:

من تزوج فقد أدخل الدنيا بيته ... فاحذروا من التزويج (٦).

وينقل ابن الجوزي عن أبي حامد الغزالي أنه قال:

(ينبغي أن لا يشغل المريد نفسه بالتزويج , فإنه يشغله عن السلوك ويأنس


(١) كشف المحجوب الطبعة العربية ٦١٠ , ٦١١.
(٢) اللمع للسراج الطوسي ص ٢٦٤.
(٣) انظر تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار ص ٢٤١ ط باكستان.
(٤) الأخلاق المتبولية لعبد الوهاب الشعراني ج٣ ص ١٧٩ بتحقيق الدكتور منيع عبد الحليم محمود ط مطبعة دار التراث العربي - القاهرة ١٩٧٤ م.
(٥) طبقات الشعراني ص ٣٤.
(٦) تنبيه المغتربين للشعراني ص ٢٩.

<<  <   >  >>