للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أول من دعي إِلَى هَذَا الحق, قيل: وكيف ذلاك ونحن لا نعرفك؟ فَقَالَ: إِذَا رأيت صاحب الدار عرفني وعرفته بنفسي؛ فجيء بِهِ, فلما رآه بدأه بالسلام, بأن قَالَ لَهُ: هل قُلْت أيدك اللَّه لطباخك أَن يصنع طعامك زائدا عَلَى عدد الحاضرين, ومقدار حاجة المدعوين؟ فَقَالَ: نَعَم! قَالَ: فإنما تلك الزيادة لي ولأمثالي, وبها تستظهر لمن جرى مجراي؛ وَهِيَ رزق أزله اللَّه عَلَى يدك, وسببه من جهتك؛ فَقَالَ: مرحبا بك, وأهلا وقربا, والله لا جلست إلا مَعَ علية النَّاس, ووجوه الجلساء والأناس؛ إذ قَدْ ظرفت فِي قولك, وتفننت فِي فعلك. فليكن ذَلِكَ الرجل لنا إماما نفتدي بِهِ, وحاديا نحدو عَلَى مثاله إِن شاء اللَّه.

وآمره أَن يكثر من تعاهد الجوارشنات المنقذة للسدة, المقوية للمعدة؛ المشهية للطعام, المسهلة لسبيل الانهضام؛ فإنها عماد أمره وقوامه, وبها انتظامه والتئامه؛ لأنها تعين عَلَى عمل الدعوتين, وتنهض فِي اليوم الواحد بالأكلتين؛ وهو من تناولها كالكاتب الَّذِي يقط أقلامه, والجندي الذي يصقل حسمه؛ والصانع الَّذِي يحدد آلاته, والماهر الَّذِي يصلح أدواته.

هَذَا عهد عَلِي بْن أَحْمَد المعروف بعليكا, وحجته عليك؛ لَمْ يألك فِي ذلك إرشادا وتوقيفا, وتهذيبا وتثقيفًا؛ ونعتا وتبصيرا, وحثا وتذكيرًا؛ فكن بأوامره مؤتمرًا, وبزواجره مزدجرًا؛ ولرسومه متبعًا, وبحفظها مطلعًا؛ إِن شاء اللَّه, والسلام عليك ورحمة عليك ورحمة الله وبركاته".

<<  <   >  >>