للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تَفْسِير آيَة {المَال والبنون}

وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} لَفْظُهُ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْخَبَرِ لَكِنَّ مَعَهُ قَرِينَةَ الضِّعَةِ لِلْمَالِ وَالْبَنِينَ وَتَحْقِيرُ أَمْرِ الدُّنْيَا فَيَدُلُّ بِفَحْوَاهُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ اخْتِيَارِهَا وَإِيثَارِهَا وَالْمُفَاخَرَةِ بِهَا

وَزِينَةٌ مَصْدَرٌ وَقَدْ أَخْبَرَ بِهِ عَنْ أَشْخَاصٍ

فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ مَقَرُّ زِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ وَضَعَ الْمَالَ وَالْبَنِينَ بِمَنْزِلَةِ الْغِنَى وَالْكَثْرَةِ

ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ خَيْرٌ عِنْدَهُ ثَوَابًا وَأَمَلا وَانْتِصَابُهُمَا عَلَى التَّمْيِيزِ أَيْ صَاحِبُهَا يَنْتَظِرُ الثَّوَابَ وَيَنْبَسِطُ أَمَلُهُ عَلَى حَالِ خَيْرٍ مِنْ حَالِ ذِي الْمَالِ وَالْبَنِينَ دُونَ عَمَلٍ صَالِحٍ

وَهَذَا عَلَى عَادَةِ تَخَاطُبِ الْعَرَبِ فَإِنَّهْمُ يَقُولُونَ فِي الشَّيْئَيْنِ هَذَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الثَّانِي شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَيْضًا {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا} وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي مُسْتَقَرِّ أَصْحَابِ النَّار

<<  <   >  >>