وَمِمَّا كلم الله جلّ ذكره بِهِ عباده مقدم ومؤخر لِأَن الْعَرَب قد كَانَت تفعل ذَلِك فِي تراجعها بَينهَا ومخاطبتها قبل أَن ينزل الْكتاب على نبيه عَلَيْهِ السَّلَام
فَمن ذَلِك قَوْله عز وَجل {فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر} فَبَدَأَ بِالْعَذَابِ قبل النّذر وَكَانَ قبل الْعَذَاب لِأَن الله جلّ اسْمه يَقُول {وَمَا أهلكنا من قَرْيَة إِلَّا لَهَا منذرون ذكرى}
وَقَالَ فِي عِقَاب الْأُمَم {فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذرين} فَأخْبر أَنهم أنذروا فَلَمَّا كذبُوا كَانَ آخر أَمرهم الْعَذَاب وَقَالَ تَعَالَى {فسَاء صباح الْمُنْذرين} غير أَن الْعَذَاب صبحهمْ بِمَا نقمهم إِذْ أنذروا فَلم يُؤمنُوا وَإِن كَانَت قد قدم فِي التَّنْزِيل الْعَذَاب قبل النّذر فَإِنَّهُ بَدَأَ فَأخْبر أَنه أَنْذرهُمْ قبل أَن يعذبهم ثمَّ قَالَ فِي عقب