اعْلَم أيدك اللَّهِ تَعَالَى أَن البزي روى عَن ابْن كثير بِإِسْنَادِهِ أَنه كَانَ يكبر من آخر (وَالضُّحَى) مَعَ فَرَاغه من قِرَاءَة كل سُورَة إِلَى آخر (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) ويصل التَّكْبِير بآخر السُّورَة، وَإِن شَاءَ القارىء قطع عَلَيْهِ، وابتدأ بِالتَّسْمِيَةِ مَوْصُولَة بِأول السُّورَة [الَّتِي بعْدهَا وَإِن شَاءَ وصل التَّكْبِير بِالتَّسْمِيَةِ وَوصل التَّسْمِيَة بِأول السُّورَة] وَلَا يجوز الْقطع على التَّسْمِيَة إِذا وصلت بِالتَّكْبِيرِ. وَقد كَانَ بعض أهل الْأَدَاء يقطع على أَوَاخِر السُّور ثمَّ يبتدىء بِالتَّكْبِيرِ مَوْصُولا بِالتَّسْمِيَةِ، وَكَذَلِكَ روى النقاش عَن أبي ربيعَة عَن البزي وَبِذَلِك قَرَأت على الْفَارِسِي عَنهُ، وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة عَن المكيين بِالتَّكْبِيرِ دَالَّة على مَا ابتدأنا بِهِ لِأَن فِيهَا (مَعَ) وَهِي تدل على الصُّحْبَة والاجتماع، فَإِذا / كبر فِي آخر سُورَة النَّاس قَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب وَخمْس آيَات من أول سُورَة الْبَقَرَة على عدد الْكُوفِيّين إِلَى قَوْله:(وَأُولَئِكَ هم المفلحون) ثمَّ دَعَا بِدُعَاء الختمة وَهَذَا يُسمى الْحَال المرتحل. وَفِي جَمِيع مَا قدمْنَاهُ أَحَادِيث مَشْهُورَة يَرْوِيهَا الْعلمَاء يُؤَيّد بَعْضهَا بَعْضًا تدل على صِحَة مَا فعله ابْن كثير، وَلها مَوضِع غير هَذَا قد ذَكرنَاهَا فِيهِ.
وَاخْتلف أهل الْأَدَاء فِي لفظ التَّكْبِير فَكَانَ بَعضهم يَقُول:(اللَّهِ أكبر) لَا غير، ودليلهم على صِحَة ذَلِك جَمِيع الْأَحَادِيث الْوَارِدَة بذلك من غير زِيَادَة كَمَا حَدثنَا أَبُو الْفَتْح شَيخنَا.