للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأضر به في ذلك الإقواء وأكفى عن المراد، وعرفه " عزيز الدولة " - أعز الله نصره - كيف يكون الإيطاء. وحمل البطريق على السناد، وسأل في تضمين وإغرام، ومن له بأن يصل إلى الإجازة أو الإجارة؟ ولكره جيشهم أن يدنو إلى التأسيس، وذهل عن الردف إذا وقع بهم وصل وخروج. فكان صاحب الردف كما أنشد " حبيب بن أوس " في بعض اختياراته " للفرار السلمى ":

عَدمتُ أُناساً بالجليلِ كأَنما ... عَميدُهمُ لَيْثٌ بِبِيشَةَ أَقْدَعُ

كأَن ابنة الشَّقْراءِ لمَّا ابتذلتُها ... بِذي الرِّمْثِ ظَبيٌ من تَبالة أَخْضَعُ

غداةَ يقولُ القَيْنَ هل أنت مُردِفِي ... وما بين ظهرِ القَيْنِ والرُّمحِ إِصبَعُ

فقلت له يا ابنَ الخَبيثةِ إِنها ... برَبٍّ خفيفٍ واحدٍ هي أَسرعُ

فإِن يَكُ عاراً يومَ ذاكَ أَتيتُه ... فِراري، فذاكَ الجيشُ قد فَرَّ أَجمعُ

وهذه الألفاظ التي تقدمت، ملغزة عن حروف القوافي وحركتها، وعيوب الشعر: فأردت بالقافية جماعة يبرزهم السلطان - أعز الله نصره - فيقفون العدو، أي يضربونهم في قفيهم. من قولك: قفوته، إذا ضربت قفاه. فالواحد قاف والجماعة قافية. كما قتلو: رجل سائر ورجال سائرة.

وألغزتها عن قافية البيت.

والروي الماء المروي. ألغزته عن روي الشعر. والماء الروي هو " قويق " المبارك الذي إذا حمل على أنه تصغير: قاق، من قول العامة للغراب: قاق، فهو فأل بالسعادة الدائمة لملك هذا المصر ورعيته. لأن " قويقا " مذ أجراه الله لحلب حرسها الله، لم يصده عنها شيء. فكان مثل قولهم في المثل: ليس غرابهم بمطار. قال " النابغة ":

ولآلِ عَتَّابِ وقَدٍّ سُورَةٌ ... من المجدِ ليس غرابُها بِمُطارِ

وقيوق على هذا القول، هو ذلك الغراب المذكور في المثل. ونقيض قول " النابغة ". قول " النميري ":

فلو كنتُ معذوراً بنصرِكَ طيَّرتْ ... صقوريَ غِربانَ البعيرِ المقَيَّدِ

وعنيت بالرس، ما يجده الرجل في قلبه من وجد أو حزن. يقال: وجد رساً ورسيساً. ألغزته عن الرس وهو الفتحة التي تكون قبل التأسيس، كفتحة النون في قول " النابغة ":

كِليني لِهَمِّ يا أُميمةُ ناصبِ

وعنيت بالحذو، المصدر من قولك: حذوت المكان أحذوه حذوا، إذا حاذيته. والمكان هو " حلب " حرسها الله. ألغزته عن الحذو في الشعر، وهي حركة ما قبل الردف، تكون مرة فتحة، ومرة ضمة، ومرة كسرة.

وعنيت بالإشباع، المصدر من: أشبعهم الطعام، ألغزته عن الإشباع في الشعر، وهو حركة الحرف الدخيل، ومكانه بين التأسيس والروي. مثل صاد " ناصب " وقد يكون الإشباع حركة ما قبل الروي بغير تأسيس.

وعنيت بالتوجيه، توجيههم في طلب الصلح. ألغزته عن توجيه الشعر. وهي حركة ما قبل الروي المقيد.

وعنيت بالمجرى. مجرى الخيل. ألغزته عن المجرى في الشعر، وهي حركة حرف الروي.

وأردت بالنفاذ، المضاء في الأمر. ألغزته عن النفاذ في الشعر، وهي حركة هاء الوصل. كفتحة الهاء في قول " لبيد:

عَفَتِ الديارُ محلُّها فمُقامُها

وعنيت بالإقواء، فناء الزاد. ألغزته عن إكفاء الشعر. والمكفأ الممال. قال " ذو الرمة ":

ودَوِيَّةٍ قَفْرٍ ترى وجهَ رَكْبِها ... إِذاع ركبوها مُكفَأً غيرَ ساجعِ

وعنيت بالإيطاء، إيطاء الفرس القتيل. كما قال " زيد الخيل ":

يا بني الصيداءِ رُدُّوا فَرَسي ... إِنما يُفعَلُ هذا بالذليلْ

عَوِّدُوا مُهري كما عوَّدتُه ... دَلَجَ الليلِ وإِيطاءَ القتيل

ألغزته عن الإيطاء في الشعر، وهو ترديد القافية مرتين.

وعنيت بالسناد، الناقة الضامرة يحمل عليها البطريق إذا أسر، ألغزته عن السناد في الشعر، من قول " عدي بن الرقاع ":

وقصيدةٍ قد بِتُّ أَجمَعُ شملَها ... حتى أَقوِّمَ مَيْلَها وسِنادَها

والتضمين، من قولك: ضمن الرجل نفسه سواه، إذا ضمن عنه المال. ألغزته عن التضمين في الشعر، وهو أن يتم البيت والمعنى لم يتم.

بل يكون متعلقاً بالبيت الآخر.

<<  <   >  >>