للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمُرْشِقَاتِ من الخدور كإِي ... مَاضِ الغمامِ صوَاحبِ العِطْر

هَزِئتْ زُنَيْبَةُ أَنْ رأَتْ ثَرَمِي ... وأَن انحنى لِتقادُمٍ ظهري

حتى كأَنيَ خاتِلٌ قَنصاً والمرءُ بعدَ تمامِه يَحرِي

لا تَهزئي مني زُنَيْبَ فما ... في ذاكِ من عجَبٍ ولا سُخرِ

أَوَ لم تَرَىْ لُقمانَ أَهْلَكهُ ... ما اقتاتَ من سَنَةٍ ومن شهْرِ

وبقاءُ نِسْرٍ كلما نفدتْ ... أَيامُه عادت إِلى نَسْرِ

وحدث بعض الواردين من حضرة هذا الرجل بأشياء يكنى عنها. ولكنا نجعل البدل من ذكرها إنشاد أبيات ل " امريء القيس " وأبيات ل " الفرزدق " لأنهما كانا يتاظهران بطلب المنكرات. قال " امرؤ القيس ":

سَمَوتُ إِليها بعد ما نام أَهلُها ... سُمُوَّ حَبَابِ الماءِ حالاً على حالِ

فقالتْ سَبَاكَ اللهُ إِنكَ فاضِحي ... أَلستَ ترى السُّمَّارَ والناسَ أَحوالي

فقلت يمينَ اللهِ أَبرَحُ قاعداً ... ولو قطعوا رأسي لدَيْكِ وأَوصالي

حلفتُ لها باللهِ حِلفةَ فاجر ... لَناموا فما إِنْ مِنْ حديثٍ ولا صَال

وقال " الفرزدق ":

ترى قُضُبَ الأراك وهنُّ خُضْرٌ ... يَمِحْنَ بها وعِيدانَ البَشام

بكَرْنَ به على بردٍ عِذابٍ ... وليس بُكورُهنَّ على الطعامِ

سَيُبْلِغُهُنَّ وَحْيَ القولِ عني ... ويُدخِلُ رأسَه تحت القِرامِ

أُسَيِّدُ ذو خُرَيِّطةٍ ضئيلٌ ... من المُتَلَقِّطِي قَرَدَ القُمامِ

فقُلن له نَواعِدُكَ الثريا ... وذاكَ إِليه مُرتَفَعُ الزحامِ

ثلاثٌ واثنتان فهن خمسٌ ... وسادِسةٌ تميلُ إِلى الشِّمامِ

وأفحش في أبيات لا أذكرها، ثم وصف كبره فقال:

رمَتْني بالثمانينَ الليالي ... وسهمُ الدهرِ أَقْتَلُ سَهمِ رامِ

رآني الغانياتُ فِقُلن: هذا ... أَبونا جاءَ من تحتِ الرِّجامِ

رأَيْنَ لِدَاتِهن مؤزَّراتٍ ... وشَرْخَ لِدِيَّ أَسنانُ الهِرَامِ

ولو جَدَّاتُهن سأَلن عني ... قرأنَ عليَّ أَضعافَ السلامِ

ولو كان هذا الرجل ولد له في اقتبال عمره، لكان ولد ولده كهولاً.

وقد أنشد " عاصم بن بهدلة القاريء " ل " زر بن حبيش " صاحب " ابن مسعود " وعنه أخذ " عاصم " القراءة:

إِذا الرجالُ ولدتْ أَولادُها

واضطربتْ من كِبَرٍ أَكتادُها

وجعلتْ أَوجاعُها تعتادُها

فهْيَ زروعٌ قد دَنَا حَصَادُها

والذي يوجب ما وقع إلينا من أخباره، أنه في عشر السبعين. وقد يولد للإنسان وهو ابن اثنتي عشرة سنة. وقد روي أن " عمرو بن العاص " كان أكبر من ولده " عبد الله " باثنتي عشرة سنة.

وقال " كثير ":

وإِني لأَسْتأنِي ولولا طماعتي ... بعَزَّةَ قد جمَّعتُ بين الضرائرِ

وهَمَّتْ بناتي أَن يَبِنَّ وحُمِّمَتْ ... وجوهُ رجالٍ من بَنِيَّ الأَصاغرِ

وقد يمكن أن يكون هذا، في ابن ثلاثين وما دونها من السنين.

فلو كان ولد لهذا الرجل - وهو زائد في السن عن هذا العدد الذي ذكر لعمرو بن العاص رحمه الله - حتى يكون ابن خمس عشرة أو ابن ثماني عشرة، وهي الأشد في قول بعض المفسرين، لكان أولاده " شيوخاً.

لأن " عطاء بن أبي رباح " روى عن " عبد الله بن عباس " في قوله تعالى " ثم لتكونوا شيوخاً " قال: إذا بلغ الرجل أربعين سنة فهو شيخ.

وقد اختلف ذلك، فقال أصحاب اللغة: إذا غلب البياض على السواد في اللحية فالرجل شيخ. وحكى " قطرب " أن الرجل يقال له من سبع عشرة إلى أربع وثلاثين: شاب، ومن أربع وثلاثين إلى إحدى وخمسين كهل، ثم هو شيخ إلى أن يموت. وقال المفسرون قي قوله تعالى: " ويكلم الناس في المهد وكهلاً ": الكهل: ابن ثمان وعشرين سنة، وقيل: ابن ثلاثين. وأقوال الناس تختلف في هذا اختلافاً شديداً. وقد تردد في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، أن شاباً من قريش فعل وصنع. وهو المعنى بذلك. ولم يبعث صلى الله عليه وسلم حتى بلغ أربعين سنة.

وقال " مروان بن الحكم بن أبي العاصي ":

<<  <   >  >>