كانت امرأة الميت إذا غسلت غديرتها بالخمر بعد أن تحلقها، علموا أنها لا ترغب في زوج بعده. واتخذت ثوب الأمير، أي الحداد.
لأن أمراءهم في ذلك الزمان كانوا يلبسون السواد والصرد: واحد الصردين وهما عرقان يكتنفان اللسان. قال الشاعر:
وأَيُّ الناسِ أَغدرُ من شَآمٍ ... له صُرَدان مُنطلِق اللسانِ
والحرائر: جمع حرور. ألغزت عن الحرائر من النساء.
والكرم الذي زعمت أن الرجل من أهل " بعل بعك " لا يرى فيه، هو القلادة. أما ترى أنك تقول: رأيت المرأة في كرم وفي عقد؟ والبصرة: الحجارة البيض.
والكوفة: ما استدار من الرمل.
والمصر: تراب أحمر يصبغ به. وقال بعضهم: هو تراب أصفر. والدار، في قصة أهل " رفنية ": هي في معنى الداري الخاتل، وحذفت الياء للوقف.
وألغزت الكلمة عن الدار المسكونة. وهذه الياء يجوز حذفها مع الألف واللام، وإثباتها أكثر. وقد قرأت القراء هذه الآية بالحذف والإثبات.
وهي قوله تعالى: " سواء العاكف فيه والباد ".
فأما عند الوقف فحذفها أوجه منه في الوصل. ويقوي الحذف أن تكون في فاصلة آية أو قافية بيت. قال الراجز:
أَنفِقْ على نفسِكَ منها والجارْ
إِنك لا تَدري ولا يَدْرِي الدارْ
أَأَنتَ تحويهن أَم لِصٌّ قار
من شَمَجَى أَو مِلْقَطٍ كالمسعارْ
وكثر حذفهم هذه الياء في: الوادى، حتى أجروه في الوصل مجراه في الوقف. قال الشاعر:
لا صُلْحَ بيني فاعلموه ولا ... بَيْنكمُ ما حمَلَتْ عاتِقِي
سَيفي وما دمنا بنجدٍ وما قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بِالشَّاهِقِ و " سيبويه " يذكر قول " الأعشى ":
وأَخو الغوانِ متى يشأ يَصْرِمْنَه ... ويَصِرْنَ أَعْدَاهُ بُعَيْدَ وِدَادِ
في جملة الضرورات. وغيره يزعم أن ذلك لغة للعرب.
والدرة التي تثنى على " السيد عزيز الدولة وتاج الملة أمير الأمراء " أعز الله نصره: مراد بها المرأة الكريمة. قال الشاعر:
يا سُلَيمَانُ إِن تُلاقِ الثريا تَلْقَ عَيْشَ الخُلودِ قبلَ الهِلاَلِ
دُرَّةً من عقائل البَحْرِ مِيزَتْ ... لم تَنَلْها مَثَاقبُ اللآلِ
والصدفة: جمع صادف، وهو الذي يصدف عن الحق، أي يميل.
ألغزت عن صدفة الدرة.
والفيل: الرجل الأحمق. ألغزته عن الفيل المعروف. قال " الكميت ":
بَنِي رَبِّ الجوَادِ فلا تَفِيلُوا ... فما أَنتم، فنَعذِرَكم، لِفيلِ
وإياي ألحق اللائمة: " إذا " كان الصاهل حسدني، فالهادر أولى أن يبعدني، لأن الحافر أقرب إلي من المنسم. ولعلك من ولد " عسكر " الذي أهداه " الثقفي " إلى " ابنة أبي بكر " فشهدت عليه يوم الجمل! قال " أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان " رضي الله عنه إملاء: فيقدر الله تعالى على أن ينطق البعير فيقول: البعير إنما قيل " له " جمل، لأنه يصبر ويتحمل ويجمل. وليس للبهائم الراعية من أذن واعية. ما أفرق بين نية معتمر وغاز، فكيف أشعر بمكان الألغاز؟ لم تترك مناصاة السلمة من حصاة لحفظ الكلمة. وما يلج قولك الثاني، في مسمعي، إلا والأول قد محى من خلدي. فاطلب لرسالتك غيري. والصاهل عجز عن حمل الأخف وهو المنظوم، فكيف أحمل الأثقل من النثر، ولو بيوتاً من الشعر كثيرة؟ وأما تخويفك إياي بدعائك، فإن الوحش الراتعة تبتهل على الأسد منذ كانت الخليقة، وما لقي من دعائها إلا خيراً؛ وكذلك خشاش الطير يدعون على الباز والأجدل، وما يزدادان بذلك إلا رغبة في صيدهن. والظباء والسماسم يرغبن إلى الله في هلاك الذئب والكلب الصائد، فما سمع منهن دعاء.
وأنا أختصر لك معنى في إبطال غرضك: لي مأربة في وردة من هذا الورد المعلق في الأغصان، فإن قدرت أن تسأل صاحب القراح والمتولي سقى هذه الجربة أن يسعفني بواحدة منه، ضمنت لك أن أحمل رسالتك إلى حضرة " السيد عزيز الدولة أمير الأمراء " أعز الله نصره. وإن عجزت عن إفهام رجل من العامة لا هيبة له في قلبك، يقرع سمعك بلفظه في كل الأحيان وتنظر إلى شخصه في روحتك وبكورك، فأنا عما سألتنيه أعجز. لأن الهيبة عظيمة، والهيبة قارنتها الخيبة.