الْحَمد لله رب الْعَالمين أكمل الْحَمد على جَمِيع هداياته ومعارفه وعطاياه وعوارفه وَأفضل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتحياته الطَّيِّبَات المباركات وإكرامه على رَسُوله وحبيبه وصفوته مُحَمَّد الْأمين خَاتم النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ الَّذِي جعل الله الذلة وَالصغَار على من خَالف أمره كَمَا ورد بِهِ الحَدِيث المتين وَالْقُرْآن الْمُبين حَيْثُ قَالَ رب الْعَالمين فِي بعض الْمُخَالفين لَهُ فِي الدّين {سينالهم غضب من رَبهم وذلة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نجزي المفترين} وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى أهل بَيته الطيبين الطاهرين وَرَضي الله عَن الصَّحَابَة أَجْمَعِينَ الصَّادِقين السَّابِقين وَالَّذين جاؤا من بعدهمْ من التَّابِعين لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين
أما بعد فَإِنِّي نظرت إِلَى شدَّة الْخلاف وَاخْتِلَاف الْعُقَلَاء والأذكياء وَأهل الرياضات الْعَظِيمَة من الرهبان وَسَائِر أَجنَاس أهل الْأَدْيَان ثمَّ إِلَى مَا وَقع من ذَلِك بَين أهل الْإِسْلَام من أهل القوانين العلمية البرهانية وَأهل القوانين الرياضية الرهبانية وَأهل التفاسير والتآويل للآيات القرآنية وَأهل الْآثَار والأنظار فِي الْفُرُوع الظنية فَرَأَيْت اخْتِلَافا كَبِيرا وتعاديا نكيرا وتباعدا كثيرا سبق إِلَى ظن النَّاظر فِيهِ أَنه لَا طَرِيق لَهُ مَعَ سَعَة ذَلِك إِلَى تَمْيِيز المحق من الْمُبْطل والمصيب من الْمُخطئ بِالدَّلِيلِ الصَّحِيح لِأَن التَّمْيِيز الصَّحِيح لذَلِك لَا يحصل إِلَّا بعد بُلُوغ الْغَايَة القصوى فِي طرق جَمِيع هَذِه الطوائف حَتَّى يعْتَرف لَهُ بِالْإِمَامَةِ فِي كل فن من تِلْكَ الْفُنُون كل أَمَام بهَا وعارف
ويتقن علم كل فرقة مثل اتقان كل من أئمتهم لدعواهم وحقائقهم مُمَيّزا لمعارفهم ومزالقهم والعمر أقصر من أَن يَتَّسِع لذَلِك مَعَ تفريغه عَن