فاما الْعرف الأول فِي اسْم الْفَاعِل فانه يدل ان الْفَاسِق من الْكفَّار من لَا حَيَاء وَلَا مُرُوءَة وَلَا عهد وَلَا عقد لَهُ كَمَا فسره بذلك الزَّمَخْشَرِيّ فِي بعض الْآيَات الدَّالَّة على ذَلِك فان الله تَعَالَى يَقُول فِي الْكفَّار من الْيَهُود وَغَيرهم {وَأَكْثَرهم فَاسِقُونَ} وَفِي بعض الْآيَات {وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ} كَمَا أوضحته فِي الاول من العواصم مَبْسُوطا بسطا شافيا زَائِدا على مَا يعْتَاد فِي ذَلِك من الْبسط
وَأما بِاعْتِبَار اسْم الْفِعْل فَفِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَكره إِلَيْكُم الْكفْر والفسوق والعصيان} وَقَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله سباب الْمُؤمن فسوق وقتاله كفر فِي أَحَادِيث كَثِيرَة مُتَّفق على صِحَّتهَا
وَأما الْعرف الْمُتَأَخر فالفسق يخْتَص بالكبيرة من الْمعاصِي مِمَّا لَيْسَ بِكفْر وَالْفَاسِق يخْتَص بمرتكبها وَعند الْمُعْتَزلَة لَا يُسَمِّي كَافِرًا وَلَا مُؤمنا وَلَا مُسلما وَعند أهل الحَدِيث والاشعرية لَا يُسمى كَافِرًا وَأما اسْم الاسلام فان اعْتبرنَا تَمَامه وكماله لم نسمه مُؤمنا وَلَا مُسلما وان اعْتبرنَا أَقَله سميناه مُؤمنا وَمُسلمًا الا ان تَسْمِيَته مُسلما اعْتِبَارا بالاقل من مَرَاتِب الاسلام هُوَ الْعرف الاكثر بِخِلَاف تَسْمِيَته مُؤمنا وَفِي ذَلِك من الْآيَات وَالْأَحَادِيث مَا لَا يحْتَملهُ هَذَا الْمُخْتَصر وَقد استوفيت الْكَلَام فِيهِ فِي مَسْأَلَة الْوَعْد والوعيد فِي آخر العواصم