وَأما انقسام ذَلِك بِاعْتِبَار فسق التَّصْرِيح والتأويل فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ أما فسق التَّصْرِيح فَلَا دَاعِي الى ذكره هُنَا وَهُوَ يرجع الى معرفَة الْكَبَائِر وَهِي منصوصة فِي أَحَادِيث كَثِيرَة وَفِي بَعْضهَا زِيَادَة على بعض وَقد جمعهَا ابْن الْحَاجِب فِي مُخْتَصر الْمُنْتَهى وَتكلم ابْن كثير على طرقها وَمِنْهُم من زَاد عَلَيْهَا مَا هُوَ أَكثر مِنْهَا قطعا عملا بِمَفْهُوم الْمُوَافقَة الْمُسَمّى فحوى الْخطاب
مِثَاله ان قتل الْمُؤمن كَبِيرَة بِالنَّصِّ فَأولى مِنْهُ بذلك دلَالَة الْكفَّار على نقب فِي مصر عَظِيم من أَمْصَار الْمُسلمين يدْخلُونَ مِنْهُ فيقتلون جَمِيع من فِيهَا ويستحلون الْمَحَارِم من النسوان وَالصبيان وَنَحْو ذَلِك وَهَذَا قِسْمَانِ مِنْهُ مَا يكون مَعْلُوما كَمَا يعلم تَحْرِيم ضرب الْوَالِدين من تَحْرِيم التأفيف فَلَا يكون قِيَاسا وَمِنْه قِيَاس وَاخْتلف فِيمَا يكون قياسأ فاجازته طَائِفَة مِنْهُم الهدوية ففسقوا من غصب عشرَة دَرَاهِم قِيَاسا على من سَرَقهَا ومنعته طَائِفَة مِنْهُم الْمُؤَيد بِاللَّه عَلَيْهِ السَّلَام وَاحْتج عَلَيْهِم بالاجماع على ان الْغَاصِب لَا يقطع وَمِنْهُم من قَالَ الْكَبِيرَة مَا كَانَ فِيهِ حد من حُدُود الله تَعَالَى أَو قَالَ الله تَعَالَى فِيهِ إِنَّه عَظِيم أَو كَبِير وَمِنْهُم من قَالَ مَا توعد الله عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ بِالْعَذَابِ
وَأما فسق التَّأْوِيل فَهُوَ الَّذِي أردْت أَن أذكرهُ هُنَا وَاعْلَم ان مَا دخله التَّأْوِيل مِمَّا يتَعَلَّق بالكبائر وَلم يعلم انه مِنْهَا سوى قتل الْمُسلمين وقتالهم فانه يصير ظنا من الْفُرُوع الاجتهاديات عِنْد جَمَاهِير الْعلمَاء من الْفرق أَو عِنْد جَمِيعهم كالربويات الْمُخْتَلف فِيهَا والانكحة الْمُخْتَلف فِيهَا مِثَال ذَلِك وَأما قتل الْمُسلمين وقتالهم وَالْبَغي على أئمتهم العادلين فَاخْتلف فِيهِ فَقَالَت الشِّيعَة والمعتزلة لَا يعْذر الْمُجْتَهد ان أَخطَأ فِيهِ وَيكون فَاسق تَأْوِيل وَقيل يعْذر مثل التَّأْوِيل فِيمَا تقدم وَسبب الِاخْتِلَاف أَمْرَانِ
أَحدهمَا تعَارض الْوَعيد على ذَلِك والوعد بِالْعَفو عَن أهل الْخَطَأ وَقد تقدم مَا فِي ذَلِك قَرِيبا فِي الْوَجْه الثَّالِث فِي الْكَلَام على تَكْفِير أهل التَّأْوِيل