"الحمدُ للهِ الذي جعل في كلِّ زمانٍ ثُلَّةً من أهلِ العلمِ يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتابِ الله الموتى، ويُبَصِّرون بنورِ الله أهل العمى، فكم من قتيلٍ لإبليسَ قد أحيوه! وكم من تائهٍ ضالٍّ هدوه! فما أحسن أثرهم على النَّاس وأقبح أثر النَّاس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهَّال الناس بما يلبسون عليه فنعوذ بالله من فتن المضلِّين"(١).
والصَّلاة والسَّلام على إمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجَّلين نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد:
فلقد دأب نبيُّنا محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - على تقرير العقيدة منذ أن نُبِّئ بـ {اقرأ} وأُرسل بالمدثِّر، ولكن بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى وبعد مُضيِّ عصر الخلافة
(١) خطبة الإمام أحمد في كتابة: الرد على الزنادقة والجهمية، ص ٦.