للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحرَّر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - هذه المسألة قائلًا: "دلَّت هذه النصوص على أنه لايكلِّف نفسًا ما تعجز عنه، خلافًا للجهمية المجبرة، ودلَّت على أنه لا يؤاخذ المخطئ والناسي خلافًا للقدرية والمعتزلة، وهذا فصل الخطاب في هذا الباب، فالمجتهد المستدل من إمام وحاكم وعالم وناظر ومفت وغير ذلك إذا اجتهد واستدل فاتقى الله -سبحانه وتعالى- ما استطاع كان هذا هو الذي كلفه الله -سبحانه وتعالى- إياه، وهومطيع لله -سبحانه وتعالى- مستحق للثواب إذا اتقاه ما استطاع، ولا يعاقبه الله البته خلافًا للجهمية المجبرة" (١).

ثانيًا: من السُّنَّة

حديث حذيفة - رضي الله عنه - فيما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إن رجلًا حضره الموت لما أيس من الحياة أوصى أهله: إذا مت فاجمعوا لي حطبًا كثيرًا ثم أوروا نارًا حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي فخذوها فاطحنوها فذروني في اليم في يومٍ حارٍّ- أو راح- (٢) فجمعه الله -سبحانه وتعالى- فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك، فغفر له" (٣).


(١) مجموع الفتاوى ١٩/ ٢١٦ - ٢١٧.
(٢) يوم راح: أي ذو ريح، قيل يوم راح، وليلة راحة: إذا اشتدت الريح فيهما، النهاية، ابن الأثير ٢/ ٢٣٧.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذُكر عن بني إسرائيل ٢/ ٤١٩.

<<  <   >  >>