رجع: كأن ابن حجرٍ لم يله بهرٍ، ولبيداً لم يقف بالديار، وجريراً ما ذكر أماما. من كان مصلياً خلف هواه كان له بعذاب الله مصلياً، فضل من اتخذ هواه إماماً. إن مشيد القصور والغلب من العماد كأنما يهدم بها الدهر بيوت العناكب أو يكسر ثماماً. إن الذنوب غيرت وجه الكافر فليصطنع له من الطاعة دماماً. أمر بأجداث الأقارب وكأنما أشرف على البعداء، ولو سلمت أو تكلمت ما سمع كلام ولا رد سلام، والحي لا يرعى للميت ذماماً. لو غبرت ألف حقبةٍ ما ورد علي منهم كتاب ولا رسول، وعندي خبر خبرنيه المعقول، إن جلود القوم تمزقت واللحوم بليت وتهالكت، وصارت الأعظم رماماً. أضحك، فلا ضحكت، وأنا بالبكاء حقيق مما كان ويكون، فعلي بالأسف ما دعت الحمامة حماماً. مرحوم مرحوم، من أصبح وله حوم، لا يفقر منه المنقطع ولا يسقي العيمان؛ إنه لا يجتذب إلى الجدث زماماً. إن الجبابرة رامت الخلود فاذا هولا يمكن ولا يستطاع، ولا يخلد إلا جبار السموات، فبذلوا سام الذهب فديةً من سام العطب، فقال لهم القدر: تجرعوا سماماً. أسعد الله الأرواح فلا أعرف فائدةً للدفين في قول القائل: أيها القبر سقيت غماماً. إن الحي والميت لا يتزاوران، فرضي الله عن قومٍ نراهم في الرقدة لماماً. إن هضيم الكشح، هضم لمرضاتها الناس، غودرت في الهضم البعيد وكانت تشبع نارها أهضاماً. نحتضم من المآكل ما شاء الله فإذا فني الرزق أكلنا الزمن اختضاماً. إن الأسماء لأمر زول! سميت المرأة خديجة وخلقها تميم، وفاطمة ولم تحدث قط فطاماً. من كان همه عبادة الله فلهج بذلك حتى أبصر في كراه أنه اشتغل ببعض العبادات أجر على ما فعل وإن كان المرئي مناماً. ليتني المتوفر على ذكر الله، أجتزي عن الشراب كالظليم، وأقتنع بالمضغة الواحدة عاماً. في الدنيا فأرتان داريتان، إحداهما في دارك مختلبة، والأخرى من دراين مجتلبة، تلك للأطعمة مطيبة، وهذه لها مفسدة؛ وحبذا تقوى الله طعاماً. ذيم البرم، فليس بمكرمٍ، ولعله معذور، إن الفقر منعه أن يقتل بزاماً. ألا تسمع مثل الشبيبة: ألم تر ناراً بالأمس متأجحةً ومررت بها اليوم هابيةً كأنها لم تغذ ضراماً!. الدنيا حية عرماء، لمعة بيضاء ولمعة دهماء، والأيام عوارم لا تترك لحيٍ عراماً. إن الوحيد في العالم لا يلحقه عيب من سواه، كالبيت المفرد من القريض عدم عجزه إغراماً. ما البقاء إلا طول شقاءٍ؛ والحياة ظلمة ليس فيها إياة، ومن السعادة أن يموت القوم كراماً. فاسأل سعداً عن الأضبط وكنانةعن الشداخ. غاية.
تفسير: ابن حجرٍ: امرؤ القيس. وهر: امرأة كان يشبب بها وهي هر ابنة سلامة من بني عليم بن جنابٍ. وهذا المعنى مبنى على قوله:
أغادي الصبوح عند هرٍ وفرتنا ... وليداً وهل أفنى شبابي غير هر
الدمام: كل ما طلي به الوجه أو غيره؛ يقال: دم قدره يدمها دماً وهو أن يطليها بشئ حتى تضبط ما يجعل فيه؛ ويقال: دمت الدابة بالشحم كأنها طليت به؛ قال الشاعر يصف سهماً:
خلقته حتى إذا تم واستوى ... كمخة ساقٍ أو كمتن إمام
قرنت بحقويه ثلاثاً فلم يزغ ... عن القصد حتى بصرت بدمام
خلقته: ملسته. والإمام: خيط البناء. وبصرت: من البصيرة وهو الدم؛ وإنما سمى بصيرة لأنه يدل على الأثر، ويقال: البصيرة من الدم مقدار الفرسن، ويقال: مقدار الترس؛ والصحيح أن كل دمٍ دل على أمر يسمى بصيرةً. والدمام: ما أصاب السهم من الدم، وقيل: إنه عني الطحال لأنه يؤخذ فتدم به القدور. والحوم: الإبل الكثيرة، واختلفوا في قول علقمة:
كأس عزيزٍ من الأعناب عتقها ... لبعض أربابه حانية حوم
فقيل: أراد الكثيرة، وقيل: أراد أنها سود؛ كأنهم ذهبوا إلى معنى الحم.
وقيل: أراد يحام بها أي يطاف؛ وأكثر ما يقال حوم بالفتح للإبل الكثيرة. ويفقر أي يعير ما يركب. والعيمان: الذي يشتهي اللبن.
والسام: عروق الذهب والفضة. والسام: الموت، ويقال إن اليهود كانوا يأتون للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيقولون: السام عليكم، يوهمون أنهم يريدون السلام. واللمام: من ألم وهبى زيارة في الأحيان. وهضيم الكشح: امرأة ضامرة البطن. وهضم: ظلم وكسر حقه.
والهضم: المطمئن من الأرض، وجمعه أهضام؛ قال لبيد:
عبطا تهامة مخصباً أهضامها