للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد عَلَيْهِ وَاسْتحْسن الامام الثَّانِي رَحمَه الله تَعَالَى أَخذ الْكَفِيل رفقا بهَا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَيجْعَل كَأَنَّهُ كفل بِمَا ذاب لَهَا عَلَيْهِ

وَفِي الْمُحِيط لَو أفتى بقول الإِمَام الثَّانِي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سَائِر الدُّيُون بِأخذ الْكَفِيل كَانَ حسنا رفقا بِالنَّاسِ

عين فِي يَد رجل ادّعى آخر أَنَّهَا ملكه اشْتَرَاهَا من فلَان الْغَائِب وَصدقه ذُو الْيَد على ذَلِك فَالْقَاضِي لَا يَأْمر ذَا الْيَد بِالتَّسْلِيمِ إِلَى الْمُدَّعِي حَتَّى لَا يكون قَضَاء على الْغَائِب بِالشِّرَاءِ بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي الْعِمَادِيّ وَفِيه ايضا إِذا ادّعى على رجل أَنه كفل عَن فلَان بِمَا يذوب لَهُ عَلَيْهِ فَأقر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ وَأنكر الْحق فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة أَنه ذاب لَهُ على فلَان كَذَا فَإِنَّهُ يقْضِي لَهُ بهَا فِي حق الْكَفِيل الْحَاضِر وَفِي حق الْغَائِب جَمِيعًا حَتَّى لَو حضر الْغَائِب وَأنكر لَا يلْتَفت إِلَى إِنْكَاره

قَالَ رجل لامْرَأَة رجل غَائِب إِن زَوجك وكلني أَن أحملك إِلَيْهِ فَقَالَت إِنَّه قد طَلقنِي ثَلَاثًا وأقامت الْبَيِّنَة على ذَلِك يقْضِي بقصر يَد الْوَكِيل عَنْهَا وَلَا يقْضِي بِالطَّلَاق على الْغَائِب حَتَّى لَو حضر الْغَائِب وَأنكر الطَّلَاق تحْتَاج الْمَرْأَة إِلَى إِقَامَة الْبَيِّنَة

قَالَ لامْرَأَته إِن طلق فلَان امْرَأَته فَأَنت طَالِق ثمَّ ان امْرَأَة الْحَالِف ادَّعَت أَن فلَانا طلق امْرَأَته وَفُلَان غَائِب وَزوج المدعية حَاضر وأقامت الْبَيِّنَة لَا تقبل وَلَا يحكم بِوُقُوع الطَّلَاق عَلَيْهَا لِأَن بينتها على طَلَاق فلَان الْغَائِب لَا تصح لِأَن فِي ذَلِك ابْتِدَاء الْقَضَاء على الْغَائِب وَقد أفتى بعض الْمُتَأَخِّرين بِقبُول هَذِه الْبَيِّنَة وبوقوع الطَّلَاق إِلَّا أَن الأول اصح

الانسان إِذا أَقَامَ بَيِّنَة على شَرط حَقه بِإِثْبَات فعل على الْغَائِب فَإِن لم يكن فِيهِ إبِْطَال حق الْغَائِب تقبل هَذِه الْبَيِّنَة وينتصب الْحَاضِر خصما عَن الْغَائِب وَإِن كَانَ فِيهِ إبِْطَال حق الْغَائِب من طَلَاق أَو عتاق أَو بيع أَو مَا أشبه ذَلِك أفتى بعض الْمُتَأَخِّرين أَنه يقبل وَيَقْضِي على الْحَاضِر وَالْغَائِب جَمِيعًا وَبِه أَخذ شمس الْأَئِمَّة الأوزجندي

لَو طلب رب الدّين الْكَفِيل بِالدّينِ فَقَالَ الْكَفِيل الْمَدْيُون أَدَّاهُ والمديون غَائِب فَأَقَامَ الْكَفِيل بَيِّنَة على أَدَاء الدّين تقبل وينتصب الْكَفِيل خصما عَن الْمَدْيُون لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ دفع رب المَال إِلَّا بِهَذَا فينتصب خصما عَنهُ

وَفِي الْمُحِيط وَسَائِر الْفَتَاوَى إِذا ادّعى انسان على آخر وَالْقَاضِي يعلم أَنه مسخر لَا شَيْء عَلَيْهِ لَا يجوز وَلَو حكم عَلَيْهِ لَا يجوز أَيْضا وَتَفْسِير المسخر أَن ينصب القَاضِي وَكيلا عَن الْغَائِب ليسمع الْخُصُومَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو أحضر رجل غَيره عِنْد القَاضِي ليسمع الْخُصُومَة عَلَيْهِ وَالْقَاضِي يعلم أَن الْمحْضر لَيْسَ بخصم فَإِنَّهُ لَا يسمع الْخُصُومَة عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يجوز نصب الْوَكِيل عَن خصم اختفى فِي بَيته وَلم يحضر مجْلِس الحكم بعد مَا بعث القَاضِي أمناءه إِلَى دَاره وَنُودِيَ على بَاب دَاره

وَذكر فِي شَهَادَات الْجَامِع رجل غَابَ فجَاء رجل فَادّعى على رجل ذكر أَنه غَرِيم الْغَائِب وَأَن الْغَائِب وَكله بِطَلَب كل حق لَهُ على غُرَمَائه بِالْكُوفَةِ وبالخصومة فِيهِ وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ يُنكر وكَالَته فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة على وكَالَته وَقضى القَاضِي عَلَيْهِ بِالْوكَالَةِ قَالَ صَاحب الْفُصُول هَذِه الْمَسْأَلَة دَلِيل على جَوَاز الحكم على المسخر وَفِي أدب القَاضِي أَن الحكم على المسخر يجوز وَقيل يَنْبَغِي أَن تكون هَذِه الْمَسْأَلَة على رِوَايَتَيْنِ

وَإِذا قضى على وَكيل الْغَائِب أَو على وَصِيّ الْمَيِّت يقْضِي على الْغَائِب وعَلى الْمَيِّت وَلَا يقْضِي على الْوَكِيل

<<  <   >  >>