للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَان رجل غصب أَرض الْوَقْف أَو أَرضًا لصغير قَالَ بَعضهم يضمن الْغَاصِب أجر الْمثل للْوَقْف وللصغير وَفِي ظَاهر الرِّوَايَة لَا يضمن فَلَو أَن هَذَا الْغَاصِب أجر الأَرْض الْمَغْصُوبَة من غَيره يجب على الْمُسْتَأْجر الْأجر الْمُسَمّى وَذكر فِي التَّجْنِيس أَن الْفَتْوَى فِي غصب العقارات والدور الْمَوْقُوفَة بِالضَّمَانِ كَمَا أَن الْفَتْوَى فِي غصب مَنَافِع الْوَقْف بِالضَّمَانِ

رجل رهن ضَيْعَة من رجل على مَال أَخذه مِنْهُ ثمَّ إِنَّه وقف هَذِه الضَّيْعَة وَقفا صَحِيحا هَل يجوز هَذَا الْوَقْف قَالَ الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى إِن افتكها من الرَّهْن فالوقف جَائِز وَإِن لم يَفْتكهَا فالرهن صَحِيح لَا يبطل وَلَا تخرج هَذِه الضَّيْعَة من الرَّهْن بايقاف مَالِكهَا أَلا ترى أَن رجلا لَو رهن ضَيْعَة لَهُ ثمَّ بَاعهَا أَن من قَول أَصْحَابنَا إِن افتكها فَالْبيع صَحِيح نَافِذ وَإِن أجَاز أَيْضا الْمُرْتَهن البيع فَالْبيع جَائِز وَكَذَلِكَ الحكم أَيْضا فِي الرَّهْن

رجل آجر ضَيْعَة لَهُ سِنِين ثمَّ إِنَّه جعلهَا بعد ذَلِك صَدَقَة مَوْقُوفَة لله تَعَالَى أبدا على سَبِيل سَمَّاهَا ثمَّ بعد ذَلِك تكون غَلَّتهَا للْمَسَاكِين أبدا حَتَّى يَرث الله الأَرْض وَمن عَلَيْهَا قَالَ الإِمَام أَبُو بكر الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ لصَاحب الأَرْض أَن يبطل مَا عقد من الْإِجَارَة فَإِذا انْقَضتْ مُدَّة الاجارة كَانَت الضَّيْعَة وَقفا قلت وَلم أجزت هَذِه الصَّدَقَة وَهِي السَّاعَة لَا تكون وَقفا قَالَ هِيَ السَّاعَة وقف وَإِن كَانَت مَشْغُولَة بالاجارة أَلا ترى أَنه لَو قَالَ كنت وقفت هَذِه الضَّيْعَة على كَذَا وَكَذَا قبل أَن أؤاجرها وَإِنَّمَا آجرتها للْوَقْف وأجرها مَصْرُوف فِي سَبِيل الْوَقْف إِنَّا نلزمه إِقْرَاره بِالْوَقْفِ وَيكون الْأجر الَّذِي آجرها بِهِ مصروفا فِي السَّبِيل الَّذِي وَقفهَا فِيهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهَا تكون وَقفا بعد انْقِضَاء الاجارة لِأَنَّهَا هِيَ وقف إِلَّا أَن فِي هَذَا الْوَقْت لَيْسَ لَهُ أَن يبطل اجارة الْمُسْتَأْجر أَلا ترى أَنه لَو آجرها ثمَّ بَاعهَا من رجل فَإِنَّهُ يُقَال للْمُشْتَرِي إِن شِئْت فاصبر حَتَّى تَنْقَضِي الاجارة فتأخذها بِالشِّرَاءِ وَإِن شِئْت فَأبْطل شراءك فَإِن اخْتَار الشِّرَاء صَبر قَالَ وَلَيْسَ لَهُ أَن يبطل الشِّرَاء إِلَّا عِنْد القَاضِي أَو عِنْد السُّلْطَان وَهَذَا قَول الْحسن بن زِيَاد رَحمَه الله تَعَالَى

الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي الْغَصْب وَالشُّفْعَة وَالْقِسْمَة

حكم الْغَصْب نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا يرجع إِلَى الْآخِرَة وَهُوَ الاثم وَاسْتِحْقَاق الْمُؤَاخَذَة وَالثَّانِي مَا يرجع إِلَى الدُّنْيَا وَهُوَ أَنْوَاع بَعْضهَا يرجع إِلَى حَال قيام الْعين وَبَعضهَا يرجع إِلَى حَال هلاكها وَبَعضهَا يرجع إِلَى حَال نقصانها وَبَعضهَا يرجع إِلَى حَال زيادتها أما الَّذِي يرجع إِلَى حَال قيام الْعين فَهُوَ وجوب رد الْعين إِلَى مَالِكهَا فِي مَكَان غصبه لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على الْيَد مَا أخذت حَتَّى ترد ثمَّ الرَّد هُوَ الْمُوجب الْأَصْلِيّ على مَا قَالُوا ورد الْقيمَة مخلص خلفا عِنْده لِأَنَّهَا قَاصِرَة والكمال فِي رد الصُّورَة وَالْمعْنَى

وَقيل الْمُوجب الْأَصْلِيّ الْقيمَة ورد الْعين بدل عَنْهَا وَلِهَذَا يعْتَبر فِي غير ذَوَات الْأَمْثَال قيمَة الْمَغْصُوب يَوْم غصبه وَيظْهر ذَلِك فِي بعض الْأَحْكَام مِنْهَا إِذا غصب جَارِيَة قيمتهَا ألف وَله ألف دِرْهَم وَقد حَال عَلَيْهِ الْحول فَإِنَّهُ لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة عَن الْألف لِأَنَّهُ مديون وَالزَّكَاة غير وَاجِبَة عَلَيْهِ مِنْهَا إِذا أَبْرَأ

<<  <   >  >>